يشهد معرض عمان قريبة وإن كانت بعيدة الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالمتحف الحكومي لتاريخ التيموريين بجمهورية أوزبكستان في العاصمة طشقند ويستمر حتى يوم الجمعة 19 سبتمبر 2014م، تواصلا مستمرا للزوار من الطلاب وطالبات المدارس ومواطني أوزبكستان والمهتمين بمجال الوثائق والباحثين والدارسين، كما يشهد المعرض تواصل زيارات المسؤولين والدبلوماسيين، للتعرف على المعرض الوثائقي ومحتوياته، من وثائق ومخطوطات وخرائط وعملات وطوابع وصور متنوعة، وصور تحاكي الحياة العمانية والطبيعة الجغرافية لها.
وخلال زيارته للمعرض وبعد التجول في أركانه تحدث سعادة محمد نور بلقر سفير المملكة الأردنية الهاشمية والمعتمد في أوزبكستان حيث قال: ” بكل سعادة وسرور حضرة هذا المعرض التاريخي الحضاري الموثق، ويشرفني أن أشاهد ما تقدمت به هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من جهد مشكور، لنقل هذا التاريخ العماني إلى أرض أوزبكستان بطشقند، ما شهدته اليوم يثلج الصدر ويجلني أشعر بالفخر على تاريخ الأمة العربية العريق وخاصة على الحضارة العمانية، وهناك وثائق عديدة استوقفتني لان لها دلالات ومعاني عميقة جدا، ولها تاريخ غابر وتمثل وثائق هامه ومن المهم أن تحفظ وتحمى بالشكل المطلوب، كما تقوم به الهيئة من حفظ لها، لتكون متاحة لهذا الجيل والأجيال اللاحقة، لتتعرف الأجيال على هذا الكنز التاريخي والمعرفي عن الحضارة العمانية التي امتدت حتى سواحل زنجبار، هذا التاريخ الناصع الذي اعترفت به الدول، وهناك رسائل دولية متبادلة ما بين سلاطين عمان وما بين رؤساء دول عالمية” وأضاف سعادة بلقر ” إن تنوع الوثائق في المعرض يدل على أن الوثائق ليست تاريخ فقط، وانما هي تبرز معانى الانسانية في بعض جوانبها كما إنها إرث حضاري ملك للأجيال القادمة، وباختصار أنه من لا يملك كهذا التاريخ فإنه ليس له حاضر وبالتالي ليس له مستقبل، دائما وأبدا يجب على كل إنسان يحفظ تاريخه، ومن هنا أشيد بدور السلطنة ممثلة بالهيئة في قيامها بهذا الدور الهام جدا، كما أتوجه لسعادة السفير محمد بن سعيد اللواتي بالشكر الذي ساهم بالتعاون مع الهيئة لإبراز هذا المعرض بالمتحف احكومي لتاريخ التيموريين بطشقند”، و واصل سعادة سفير الأردن حديثة ” إن هذا التاريخ يجب أن ننظر إليه بتمعن ودقة، و ليس لقراءته والاطلاع عليه فقط بل لأخذ العظة والعبرة منه، ودراسة كل مكوناته ودلالته، فكيفية نشأة الدولة وقيامة وتعاظمها ثم تموجها في مجريات الحياة له أسباب ودلائل تستشف من التاريخ، فالأجيال العربية والعمانية القادمة إذا اهتمت بتاريخها و وقفت أمام هذه الوثائق والمخطوطات سيشعر بالفخر كل مواطن عماني وكل عربي بهذا التاريخ الحضاري الممتد والإمبراطورية الكبيرة لعمان، وأكرر أن هذا التاريخ مشرف وكبير وحافل وتاريخ ناصع لعمان، وأوجه شكري لسلطنة عمان على هذا التاريخ التليد وعلى اتاحته لنا والتعرف عليه أكثر، كما أنني أأكد بأن دخول كثير من المناطق في الإسلام لو نتتبعها بالخرائط في شرق أسيا وفي أفريقيا لوجدنا أنها بحسن التعامل والأخلاق الطيبة للعمانيين ”
وتعددت موضوعات المعرض حيث انقسم إلى مجموعة من الأركان المختلفة كركن للعلاقات الدولية والذي يوضح العلاقات الدولية بين السلطنة وبقية دول العالم بما فيها جمهورية أوزبكستان الصديقة، وركن الوثائق الخاصة “الوثائق التي يمتلكها المواطنون”، وركن للخرائط القديمة والتي توضح المدن والقرى والموانئ والبنادر التي تجوب بها السفن العمانية، والتي تبين مدى أهمية تحديد المسارات البحرية التي تربط عمان والمحيط الهندي وشرق أفريقيا والجزيرة العربية والمناطق الآسيوية ومدى حجم التبادل التجاري بين عمان ودول العالم، و ركن وثائق الأصول والذي يشمل المراسلات وعقود البيع والشراء والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والوصايا والتهاني وغيرها. وركن يضم العملات والطوابع، وركن للمخطوطات القديمة لمؤلفين عمانيين في مختلف المجالات كالأدب والفقه والفلك وغيرها، وركن لأخبار عمان في الصحف والمجلات العالمية، وركن لبناء نظام ادارة الوثائق في الوحدات الحكومية والذي يوضح منظومة العمل وأهمية ارساء هذا النظام العصري لحفظ الوثائق ، وركن خاص بإنجازات هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية توضع فيها أهم فعاليات وأنشطة الهيئة وإنجازاتها. كم تعرض مجموعة من الصور لبعض ولايات ومحافظات السلطنة وأبرز المعالم الأثرية والسياحية فيها إلى جانب مجموعة من الصور لجوانب التطور التي شهدتها السلطنة في المجالات العلمية والهندسية والزراعية ودور المرأة في دفع عجلة التطور والنمو، كذلك ستعرض صور لمختلف الفنون الشعبية والحرف التقليدية في مختلف ولايات السلطنة.
وحول إقامة هذا المعرض في المتحف الحكومي لتاريخ التيموريين، يقول خورشيد فيضييوف – مدير متحف التيموريين: “من المعروف انه قد مضى اكثر من 20 سنة لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية أوزبكستان وسلطنة عمان، وتعد سلطنة عمان من اوائل الدول التي اعترفت باستفلال جمهورية اوزبكستان فى شهر ديسمبر عام 1991، واقيمت علاقات دبلوماسية بين البلدين منذ شهر ابريل عام 1992، وخلال سنوات الاستقلال شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين مرحلة جديدة حيث تتطورت حاليا على اساس الصداقة والتعاون، كما تتعاون جمهورية اوزبكستان و سلطنة عمان في اطار المنظمات الدولية مثل منظمة الامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي، ولاشك أن زيارة فخامة الرئيس اسلام كريموف الى عمان خلال الفترة 4-5 اكتوبر عام 2009م تمتعت بأهمية بالغة في تطوير العلاقات بين البلدين، كما أن هذه الزيارة بالذات ارست اساسا متينا لتطوير العلاقات الثقافية بين جمهورية اوزبكستان وسلطنة عمان مما أدى الى تطور ملحوظ للعلاقات الثقافية والاقتصادية بين البلدين، وخلال زيارة امين عام وزارة الخارجية العماني الى اوزبكستان زار معاليه المتحف الحكومي لتاريخ التيموريين أيضاً.
وضاف خورشيد: “ولقد تم افتتاح المعرض الذي نظمته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية العمانية في 9 سبتمبر الحالي برعاية النائب الاول لرئيس الوزراء لجمهورية اوزبكستان رستم عظيموف شارك خلالها العلماء الكبار من أكاديمية العلوم الاوزبكية وممثلو السلك الدبلوماسي وذلك بجهود كبير بذلها سعادة السفير العماني في اوزبكستان محمد بن سعيد اللواتي، ولا نبالغ اذا قلنا ان هذا المعرض اصبح خطوة جديدة لتطوير علاقات التعاون والصداقة بين البلدين” .
كما واصل مدير التحف حديثة حيث قال ” تم تغطية هذا الحدث في وسائل الاعلام الاوزبكية بشكل واسع ونال هذا المعرض الإعجاب الكبير من قبل الشعب الاوزبكي، وذلك لإتاحة المعرض فرصة ليتعرف شعبنا على تاريخ سلطنة عمان وعاداتها تقاليدها وثقافتها، والدليل على ذلك هو زيارة المئات من الجمهور الاوزبكي يومياً الى المعرض وكتابتهم لكلمات طيبة عن المعرض في دفتر زوار المعرض، كما أن مشاركة الفرقة الموسيقية العمانيين في المعرض تركت انطباعات جيدة لدى الزوار، وحقيقة تنظيم لمثل هذا المعرض يحصل لأول مرة ليس فقط في اوزبكستان فحسب بل في منطقة اسيا الوسطى ويكتسب اهمية هامة للغاية، وبذلك انتهز هذه الفرصة لأعرب باسمي و وباسم المتحف الحكومي لتاريخ التيموريين عن شكري وامتناني لسعادة السفير محمد بن سعيد اللواتي سفير السلطنة المعتمد في أوزبكستان، وسعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية” .
وحول الأهداف من اقامت المعرض في طشقند يقول خورشيد مدير المتحف: “إن المعرض يهدف إلى تطوير العلاقات الثقافية بين البلدين، وتعريف الشعب الأوزبكي بتاريخ وحضارة وثقافة السلطنة وبيئتها وعادتها وتقاليدها وعلاقاتها الدولية، كما أريد أن أؤكد أن الشعبين تجمعهما علاقات الصداقة والود ، الامر الذي أدى إلى زيادة الاهتمام بالمعرض من قبل كل صغير و كبير في أوزبكستان، وأعتقد أن المعرض قد حقق أهدافه النبيلة، حيث أنه من اليوم الأول لفعاليات المعرض هناك نجاحات كبيرة من حيث الزيارات الكبيرة كما أنها تزيد يوما بعد يوم، وهذا يدل على أن المعرض له مكان في قلب كل أوزبكي، وإن معرض ” عمان قريبة وان كانت بعيدة ” والذي يدل على البعد الجغرافي لسلطنة عمان عن أوزبكستان ساعد بالفعل في تقارب الشعبين، وفي ختام حديثة تطرق إلى أن المعارض المماثلة تعمل على تطوير وتعزيز العلاقات الودية في مجال العلاقات الثقافية والتاريخية والعلمية. وقال “لاشك إن مثل هذا المعرض من شأنها ان يقوي أواصر الصداقة بين البلدين، كما نأمل أن الوفد العماني ايضا قد سعد معنا وقمنا بواجب الضيافة والاحترام اللازم له، وشعر بذلك من الشعب الأوزبكي أيضا”.
وإلى جانب المعرض الوثائقي، تقوم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع سفارة السلطنة في أوزبكستان بطشقند بإحياء حفلتين مصاحبتين مهداة للشعب الأوزبكي بمناسبة العيد الوطني لبلادهم الثالث والعشرين، وترجمة للعلاقات الطيبة وحسن الاستقبال الشعب الأوزبكي ومدى اهتماهم بالتعرف على الثقافة والتاريخ العماني، حيث كانت الحفلة الأولى في حديقة غافور غلام بطشقند والذي ابتدئها سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني وبحضور سعادة السفير محمد بن سعيد اللواتي سفير السلطنة المعتمد لدى أوزبكستان، بكلمة رحب فيها بالحضور، كما وجهة كلمة شكر للشعب الأوزبكي على حسن استقباله وتفاعلهم مع المعرض، كما هنّأ سعادته الأوزبكيون بمناسبة عيدهم الوطني الثالث والعشرين متمنيا لهم مزيدا من التقدم والتطور والرخاء، كما تحدث سعادته عن المعرض الوثائقي وما يحمله من قيمة تاريخية للسلطنة معرفا بكلمات واضحة عن التاريخ العماني التليد، كما ذكر نبذة عن تاريخ أوزبكستان وحضارتها وجانبا من أشهر مدنها وعلمائها وتميزها في التاريخ الإسلامي، وبعد كلمة سعادة الدكتور ، عزفت فرقة النجوم الشعبية العمانية المشاركة في معرض عمان قريبة وان كانت بعيدة، بعدد من الفنون الشعبية العمانية قابلها الجمهور بالمتابعة الشيقة والتفاعل معها، حيث حضر الحفل جمهور كبير، وفي حفلا آخر في حديقة بابور والتي ألقى فيها سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني وبحضور سعادة سفير السلطنة كلمة افتتاحية تلتها احياء حفل من الفن الشعبي العماني المنوع، وختم سعادة السفير الحفل بكلمة شكر لكل المعنيين على المشاركة في انجاح المعرض ومختلف فعالياته، كما وتوجه بالشكر الجزيل لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.