بمشاركة خليجية وعربيةالملتقى الرابع (التاريخ العُماني / قراءات وتحليلات 6 جلسات في يومي عمل و 24 ورقة عمل تدرس تاريخ عمان تنظمه الجامعة العربية المفتوحة وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية
افتتح صباح الأمس الملتقى الرابعللجامعة العربية المفتوحة بسلطنة عمان وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تحت عنوان (التاريخ العُماني / قراءات وتحليلات) بفندق سيتي سيزنز ، وذلك تحت رعاية سعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية، وبحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ورئيس الجامعة العربية المفتوحة، ونخبة من الأكاديميين والمثقفين والمهتمين بمجال التاريخ والطلبة، ويستمر الملتقى يومي عمل من 4 – 5 نوفمبر 2014م.
في بداية الحفل استهل بآيات بينات من الذكر الحكيم، بعدها قدم الدكتور موسى بن عبدالله الكندي مدير الجامعة العربية المفتوحة فرع سلطنة عمان الكلمة الافتتاحية للجامعة حيث قال : ” إن رسالة الجامعة العربية المفتوحة هي خدمة أهداف التنمية في البلاد العربية، و التي لا شك أنها تعتمد على الاستئناس الواعي بالتاريخ، الذي يرفد الواقع، و الذي بدوره يبني المستقبل، و تنطلق الجامعة في تقديم هذا الملتقى من رؤية واضحة تهدف إلى خدمة الثقافة العمانية، والمساهمة العلمية الفاعلة في رفد المكتبة العربية والعمانية بالبحوث التي تضيف إلى رفوفها الجديد . ولهذا فإننا بسعادة غامرة نفتتح اليوم النسخة الرابعة من هذا الملتقى، بعد أن جاءت نسخه الثلاث خلال السنوات الفائتة متنقلة ما بين (العربية والحضارات العالمية) ، و (الاستشراق في عمان)، و (الثقافة وهوية النص في عمان) لتكون هذه النسخة خاصة بالتاريخ العماني من خلال تقديم قراءات منهجية في هذا التاريخ بأشكاله المتعددة (المكتوب والمخطوط والشفاهي) ، بغية رفد المكتبة العمانية برؤى تخدم هذا التاريخ وتكشف ملابساته والتحديات التي يواجهها من ناحية ، وتقدم تحليلات حديثة تلائم التطور والتقدم في طرائق قراءة التاريخ من وجهات نظر متعددة .
وفي هذا نشكر هيئة الوثائق المحفوظات الوطنية التي شاركتنا إعداد وتنفيذ هذا الملتقى ، وهي مشاركة نعتز بها من مؤسسة تعنى بالتاريخ العماني وتوثيقه ، ونسأل الله أن نكون شركاء فاعلين في فعاليات ومناشط قادمة على المستوى العلمي والثقافي .
كما أننا نتقدم بالشكر الجزيل لمؤسسة (بيت الغشام للنشر والترجمة) الذين تبنوا نشر بحوث الملتقيين الثاني والثالث لتخرج في كتب علمية تخدم الباحثين في عمان وفي المنطقة “.
بعدها ألقى سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كلمة الهيئة قال فيها ” إنّ التاريخ العُماني ضارب بجذوره في أعماق الحضارة الإنسانية منذ القدم، وكان لعمان حضورها المتميز في تاريخ البشرية من خلال ما قدمه أبناءها من إنجازات تدل على قدرة الإنسان العُماني على الاجتهاد والإبداع، وما نجده بين أعيننا من شواهد تاريخية ومآثر حضارية، هي براهين ساطعة على مدى عظمة العُمانيين في مسيرة البشرية وتطورها”.
وأكد سعادة الدكتور : بأن الدارس والباحث وحتى القارئ يدرك جيداً بأن عُمان على مدار التاريخ كان لها حضورها الفاعل، وكان لأبنائها قدم السبق في تحقيق الخير والنماء، وفي فتح آفاق جديدة في مختلف العلوم والمعارف والآداب، فكم هم العلماء والأدباء، وذوي الرأي والحكمة الذين ذاع صيتهم، وذكرتهم السير والتراجم وتحدثت عنهم كُتب التاريخ بما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز والانتماء لهذا البلد العريق.
وأشار سعادته بأن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ومنذ تأسيسها في عام 2007م، أخذت على عاتقها النهوض بالإرث الحضاري التاريخي والوثائقي للبلاد، إدراكاً من الحكومة بأهمية المحافظة على مرتكزات التاريخ العُماني، والعناية بالثوابت وترسيخ الهوية الوطنية في عقول وأفئدة المواطنين عبر ما تقوم الهيئة من معارض وثائقية، وتنظيم الندوات والمؤتمرات الإقليمية والدولية، أو من خلال المشاركة في الملتقيات العلمية والفعاليات الثقافية التي تقيمها الجهات الحكومية والجامعات والمؤسسات الأكاديمية داخل السلطنة وخارجها.
وقال رئيس الهيئة “ويُعدّ الملتقى الرابع للجامعة العربية المفتوحة (فرع سلطنة عُمان) وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الذي يُفتتح اليوم، ثمرة من ثمار التعاون البناء بين الهيئة والجامعة، وهو ترجمة واضحة لمساعي الهيئة نحو تشجيع البحث العلمي والدفع قدماً بالباحثين والدارسين إلى الاشتغال بأعمال البحوث والدراسات ذات العلاقة بالوثائق لتكشف عن أهمية الرصيد الوثائقي الذي تزخر به خزائن الهيئة، وتلك الوثائق متاحة أمام الباحثين وطلبة العلم للاستفادة منها، حسب الإجراءات التي نظمها قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 60/2007م، وإنّ المتأمل في عنوان الملتقى الرابع والذي يحمل مسمى: التاريخ العماني/ قراءات وتحليلات، سيدرك القيمة العلمية التي تحتويها أوراق العمل والبحوث التي ستُلقى خلال جلسات الملتقى، بحيث تكون القراءة التحليلية والنقدية التي تشكل منهجية لا غنى عنها لدارسي التاريخ، ولا شك بأن البحوث ستجيب عن كثير من التساؤلات المطروحة حول جوانب متعددة من التاريخ العُماني والتي هي بحاجة إلى مزيد من البحث والتحليل والتمحيص.
وبين سعادته بأنّ محاور الملتقى تتضمن مُداخلات حول التاريخ الشفوي الذي هو بحاجة إلى العناية والاهتمام به، عبر رصد وحفظ ذاكرة الأجداد والآباء، وتوثيق سير الشخصيات التي كانت ذات يوم حاضرة في الحياة العمانية بمختلف ميادينها.
كما رحب سعادته بالمشاركين حيث قال : “وممّا يسعدنا أيضاً هو مشاركة كوكبة من الأساتذة والباحثين من خارج السلطنة، ومن دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن المملكة العربية السعودية، ومن اليمن، ومن جمهورية مصر العربية، ومن الجمهورية الجزائرية، ليكونوا رافداً مهماً من الروافد العلمية لهذا الملتقى إلى جانب إخوانهم وزملائهم من الباحثين العُمانيين، ونقول لهم أهلاً وسهلاً بكم في بلدكم الثاني عُمان، وبين أهلكم وأصدقائكم”.
وفي ختام كلمته قال” تحية شكر وتقدير نرفعها إلى الجامعة العربية المفتوحة (فرع سلطنة عُمان)، ممثلة في مديرها الدكتور موسى الكندي وأكاديميها وإدارييها وطلابها، وموظفي الهيئة، وإلى كل من أسهم في إقامة هذا الملتقى”.
حيث تناول الملتقى والذي يمثل نشاط ثقافي تخصصي يجتمع فيه نخبة من الأكاديميين والمفكرين من مختلف المؤسسات الثقافية والتعليمية يطرحون فيه ويناقشون مجموعة من القضايا التي تخص التاريخ العُماني المدون والمخطوط والشفاهي من خلال دراسة مجموعة من كتب التاريخ العماني، والمخطوطات، والتاريخ الشفاهي دراسة قائمة على التحليل العلمي المنهجي، حيث تكمن أهمية الملتقى في كونه فرصةً للأكاديميين والمهتمين والطلاب على حد سواء لتعميق معرفتهم بمعطيات التاريخ العُماني وأبعاده في الثقافة العمانية ، و سيتيح لهم كذلك فرصة المشاركة في مناقشة تحليل ودراسة نصوص التاريخ العماني ، وما لها من آفاق ثقافية أو حضارية أو فكرية ، وستتكون محاور الملتقى في ثلاث جوانب، الأول : قراءات في التاريخ العُماني المدوَّن (التحقيق ، والأبعاد المعرفية للمستقبل) ، والمحور الثاني : قراءات في المخطوطات والوثائق العُمانية (تاريخ المخطوطات والوثائق ورؤاها المستقبلية) ، والمحور الثالث : قراءات في التاريخ الشفاهي العماني (مصادر التاريخ الشفاهي وتجارب جمعه)، وسيستهدف الملتقى بشكل أساسي الأكاديميون والمثقفون المهتمون وطلاب الجامعات.
كما أنه من الأهمية دراسة علم التاريخ ومناقشة قضاياه كما هو معمول في هذا الملتقى ، فالتاريخ ليس كما يعتقد الكثير بأنه علم الماضي ، وموضوعه هو دراسة ما مضى وفات من الأحداث وحسب، وإنما دراسة التاريخ تطورت واتسع مجالها فأصبح يتناول اليوم دراسة التجربة الإنسانية على الأرض ، دراسة شاملة عامة ولم يعد خاصاً بالماضي ؛ ذلك لأن المؤرخ لا يدرس الأحداث لذاتها بل يدرسها بوصفها تجارب لها آثارها في سير الجماعة ونتائجها ، فعندما يدرس المؤرخ الماضي فإنه يدرسه من أجل فهم الحاضر والمستقبل، لأنهما نتيجة له وعليه يتم التخطيط للمستقبل ، ومن هنا فإن التاريخ لا يفصل بين الوحدة الزمانية من حيث تسلسلها واتصالها وترابطها . وهكذا اتسع علم التاريخ حتى غدا اليوم يشمل التجربة الإنسانية كلها ، فلم يقتصر التاريخ على تلك الأحداث السياسية أو العسكرية فحسب بل شمل التطورات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والفنية جميعاً ، حتى أصبح دور المؤرخ موجهاً إلى دراسة أحوال البشر عامة وتطور الجماعة الإنسانية في مجموعها ، ولأن سلطنة عُمان بلد يتميز بتاريخ حضاري زاهر منذ القدم ؛ فتاريخه ضارب في الأرض عبر الزمان والمكان ، وهو تاريخ مستمر حتى اللحظة يستمد من الماضي ليؤسس حاضراً قائماً عليه ومستمراً حتى المستقبل كاشفاً عن تجربته الإنسانية المستمرة حضارياً وفكرياً .
فأهمية دراسة التاريخ الحضاري لعمان يساهم في بناء مستقبل قائم على ذلك الدفق الحضاري ؛ فإن الدورة الثالثة من ملتقى الجامعة العربية المفتوحة (مسقط) وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، يعمد إلى تتبع التاريخ العُماني وتحليله من خلال تقديم رؤية وقراءة أخرى بعين حديثة وتقييم تلك النصوص المحققة منها خاصة للكشف عن مصداقية ذلك التحقيق من خلال رؤية علمية متعمقة ، كما يسعى الملتقى لتقديم رؤية عن التاريخ العماني المخطوط والشفاهي خاصة بوصفه تاريخ لا يزال بحاجة إلى الكثير من التحقيق والتدوين والتوصيف.
وقد انقسم الملتقى إلى 6 جلسات موزعة في يومين، وجاء الجلسة الأولى بعنوان عمان في الوثائق الفرنسية والبريطانية، تلخصت في أربع أوراق عمل، وترأسها الدكتور ابراهيم بن يحيى البوسعيدي أستاذ في جامعة السلطان قابوس، حيث جاءت الورقة الأولى بعنوان عمان في مؤلفات المؤرخين الفرنسيين “جون لويس مياج زاكسافي بيغن بلوك انموذجا” للأستاذ الدكتور بوضرساية بو عزة من جامعة الجزائر ، وتلخصت ورقة العمل في أن العلاقات العمانية الفرنسية أخذت حيزا معتبرا في كتابات المؤرخين الفرنسيين من أمثال جون لويس مياج واكسافي بيغن بلكوك وجان بول شارني وإيف تورافال وصوفي ميري وآخرون من الذين مكنتهم ظروف الكتابة من تسليط الضوء بالدراسة على جوانب عدة من هذه العلاقات خاصة الجانب التجاري حيث كان اعتمادهم على المادة الأرشيفية مما أعطى لكتابات هؤلاء المؤرخين مصداقية علمية لكنها تحتاج إلى مراجعة تعتمد أساسا على مقارنة المادة الأرشيفية بسلطنة عمان حول هذه العلاقات مع نظيرتها الفرنسية وهذا يعني إخضاع ما كتبه الفرنسيون اعتمادا على أرشيفهم إلى التمحيص والغربلة والتدقيق ومقارنة النص العربي بالنص الفرنسي . إن اعتماد هؤلاء المؤرخين على الأرشيف الفرنسي الذي تناول العلاقات الثنائية أعطى المرحلة التاريخية لهذه العلاقات طابعا مميزا في ظل وجود منافس شرس للقوة الاقتصادية الفرنسية في المنطقة وهذا المنافس هو ابريطانيا وعليه جاء التركيز في كتاباتهم على بداية هذه العلاقات ذات الطابع التجاري وأن بدايتها كانت في القرن السابع عشر الميلادي مما سرع في وتيرتها وهذا ما أدى إلى فتح باب الباب للفرنسيين في عمان وفي كل منطقة غرب المحيط الهندي .كما أن المعلومات التي أوردتها هذه الكتابات أكدت في كم من موضع أن هذه العلاقات تعود إلى عام 1660 وهي الفترة حسبهم التي كانت فيها السفن التجارية الفرنسية التابعة لشركة الهند تتعامل تجاريا مع منطقة الخليج العربي الذي سمته بالخليج الفارسي بحيث كان ميناء مسقط مركزا أساسيا ومهما لتوقف سفنها التجارية .
أما الورقة الثانية للأستاذ الدكتور أحمد شرفي أستاذ التعليم العالي ونائب رئيس الجامعة، جاء عنوان ورقته “دراسة تاريخية في مرحلة الاستعمار الفرنسي وعلاقته بسلطنة عمان” والتي تحدث حول تتبع مسار الكتابات الفرنسية انطلاقا من أرشيف دور المحفوظات و الملاحظ في هذا الصدد هو استعمال الفرنسيين تسمية الامبراطورية العمانية عوض سلطنة عمان وعليه لا بد من البحث أكاديميا في أسباب ذلك خاصة وأن هذه التسمية طغت خلال حقبة معينة على جل الكتابات الفرنسية التي تناولت فترة القرن التاسع عشر وبالتحديد ما بين 1814 و1856 أي قرابة ست وعشرين عاما ولعل من بين أبرز ما ركز عليه الباحثون الفرنسيون خلال هذه الحقبة هي معاهدة الصداقة والتجارة الموقع عليها بتاريخ 4 نوفمبر من عام 1844 والتي بقيت سارية المفعول لما بعد عام 1846 وهذه المعاهدة هي التي كانت وراء تطور العلاقات بين زنجبار باعتبارها منطقة تابعة لسلطة العمانيين و الجزر الفرنسية القريبة منها جزيرة رينيون ويعني كذلك أن هذه المعاهدة هي التي حددت مصير العلاقة التجارية بين سلطنة عمان من جهة وفرنسا من جهة أخرى بداية من عهد الملك الفرنسي لويس فليب ( 1830ــ1848) ثم استمرارية هذه العلاقة بعد ذلك أي على عهد الامبراطورية الفرنسية الثانية التي كان على رأسها لويس نابليون ( نابليون الثالث 1852 ــ 1970) ولعل ما جلب انتباه هؤلاء الباحثين بالدرجة الأولى مرحلة السلطان سعيد لكون مرحلة حكمه سادها الرخاء والتبادل التجاري بين الحكومتين وقد استمرت إلى غاية وفاته عام 1856 .
والورقة الثالثة في الجلسة الأولى للأستاذ عبدالعزيز بن حميد المحذوري باحث تاريخ بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، عنون ورقته بالعوامل السياسية التي أدت إلى تأخر ظهور الدولة العمانية الحديثة (1332- 1390هـ/ 1913 – 1970 م) دراسة في بعض الوثائق العمانية البريطانية، وتناولت الورقة جانباً مهماً من جوانب التاريخ العماني ، وهو الجانب السياسي ، خلال فترة تعد من أصعب الفترات التي مرت بها عمان عبر تاريخها الطويل، هذه الفترة المقدرة بستة عقود من الزمن تقريباً ، والتي تمتد من (1332-1390 هـ /1913- 1970 م ) طوت خلال طياتها جملة من الحوادث التاريخية ، ربما كانت كفيلة بتغيير معالم التاريخ السياسي العماني. وقد تظافرت مجموعة من العوامل السياسية وغيرها أدت بدورها إلى تأخر ظهور الدولة بمفهومها الحديث في عمان ، ومع عدم تجاهل أهمية العوامل الأخرى في هذا الجانب ، إلاّ أنّ العامل السياسي يبقى الأهم، ولدراسة أثر هذا العامل تناولت الدراسة العوامل بجانبيها الداخلي والخارجي. والورقة الأخيرة في الجلسة الأولى كانت بعنوان “من ملامح تاريخ عٌمان الاجتماعي قراءة في كتابات الرحالة الأجانب في القرنين 19- 20 قراءة نقدية جديده لاهم قيم وسمات المجتمع العماني في ضوء مشاهدات الرحالة”، للدكتورة عفاف السيد الأمين العام لجمعية الدراسات الآسيوية مديرة مركز دراسات الخليج وشبه الجزيرة العربية ومشرف عام وحدة الدراسات العمانية – جامعه الزقازيق، والتي ألقت الضوء على التتبّعُ الدقيق لأهم كتابات الرحالة الذين زاروا عمان خاصة ،ومحاولة تقديم قراءة نقدية جديدة لمرويّاتِهم عن عمانُ خاصة في القرنين التاسع عشر وانتهاءً برحّالةِ القرنِ العشرين الذين افتتنوا فيها بالصّحراء.
أما الجلسة الثانية تحدث حول عمان من القرن الثالث الهجري وحتى الثالث عشر الهجري، وترأس الجلسة الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي مدير عام البحث وتداول الوثائق بالهيئة، وتمثلت الأوراق العمل في تاريخ عمان ما قبل الإسلام في المصادر العربية الإسلامية: رؤية نقدية تحليلية للدكتور حمد محمد بن صراي أستاذ التاريخ القديم المشارك بجامعة الإمارات العربية المتحدة، وهذه الورقة تركّز على المادّة العلميّة المدوّنة في المصادر القديمة بقسميْها العام والعماني المحلّي، وإن تميّز القسم الأخير بتفاصيل أكثر، وهذا من الطّبيعي حدوثه لاهتمام المصادر العمانية بتاريخ وأعلام وطبيعة عمان. ومِن أهمّ الأحداث: استيطان القبائل والشعوب القديمة للمنطقة، وهجرة القبائل العربيّة إلى إقليم عمان، وعلاقات العرب بالفرس، وتحالفات القبائل العربيّة مع المحيط العربي، وتفسيرات لبعض الأعلام الجغرافيّة العمانيّة، وبعض الحكايات الأدبية والمفاهيم والمصطلحات اللغويّة.
والورقة الثانية حول دور العمانيين في نشر الحضارة الإسلامية في سواحل المحيط الهندي الشرقية في عهد الإمامة الإباضية الأولى والثانية للباحث حبيب بن مرهون الهادي من وزارة التربية والتعليم، وتهدف هذه الدراسة إلى تعرّف الدور الحضاري للعمانيين في السواحل الشرقية للمحيط الهندي في فترة الإمامة الإباضية الأولى والثانية (132-280هـ). إذ وصلوا إلى سواحل المحيط الهندي الغربية منها والشرقية حاملين تجارتهم وفي الوقت نفسه كانوا طلائع حملة الإسلام وحضارته من لغة وعادات وتقاليد حميدة وقيم إنسانية نبيلة، فعمّ الإسلام معظم سواحل المحيط الهندي. فقد وصل التجار الدعاة المسلمين عامة والعمانيين خاصة إلى الهند وسومطرة وسواحل الهند الصينية وما جاورها، وبما أن العمانيين كانوا هم ربابنة البحر في فترة العصور الإسلامية الأولى فقد كان لهم الإسهام الأبرز، والحظ الأوفر في ذلك التواصل الحضاري مع شعوب السواحل الشرقية للمحيط الهندي. أما الورقة الثالثة للدكتور طه حسين عوض أستاذ التاريخ الإسلامي وحضارته المشارك بجامعة عدن قدم ورقة بعنوان قراءة في التاريخ العُماني من خلال وثائق الرحالة والجغرافيين المسلمين في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، وتمحورت في ما جاء به الرحالة والجغرافيين من أخبار في وثائقهم التي تعد اليوم من أهم الوثائق التي كتبت عن تاريخ عمان، والتي من الصعب على أي باحث أن يتقاضَ عنها وعن ما أوردته من معلومات عن عمان، وقد انقسم هذا البحث إلى مقدمة وأربعة مباحث رئيسة، تناولت في المبحث الأول أهم الرحالة والجغرافيين الذي ذكروا عمان في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، ودرست في المبحث الثاني ما وثقه الرحالة والجغرافيين عن أهل عمان وجذورهم التاريخية القبلية، واختص المبحث الثالث على ما أورده هؤلاء عن ثروات عمان المختلفة وعلاقاتها بالعالم الخارجي، ويعرف المبحث الرابع على أهمية ما جاء به هؤلاء الرحالة والجغرافيين من معلومات تاريخية تظهر بالمستوى الذي وصلت إليه عمان في ذلك العصر.
والورقة الرابعة للدكتور خالد بن خلفان الوهيبي تاريخ عُمان من ق.6 هـ/ ق. 12م و حتى ق. 9 هـ / ق. 15 م: دراسة تحليلية للمصادر و استقرائية للأحداث، وتحدث فيها حول محاور رئيسية، الإمامة الإباضية، والنباهنه، القوى الإقليمية، حيث تناول الباحث في هذه الورقة البحثية التطورات السياسية و الاقتصادية التي حدثت في عُمان في هذه الفترة الزمنية من خلال دراسة تحليلية للمصادر المحلية و العربية للخروج بجملة من الحقائق و المؤشرات.
والورقة الأخيرة في الجلسة الثانية من اليوم الأول للباحث خالد بن عبدالله الخروصي من وزارة التربية والتعليم، حول جهود العلماء في حفظ المخطوط العماني ونشره في القرن الثالث عشر الهجري، الشيخ يحيى بن خلفان الخروصي نموذجا، وسلط الباحث الضوء في دراسته على جزء من التاريخ العماني والموروث الحضاري مدعمة بالكثير من الادلة والشواهد والوثائق الناطقة بجهود العلماء ودعمهم للمكتبة العمانية في تلك الحقبة من التاريخ فقد حفظوا تراث الاجداد وأوصلوه للأحفاد بكل امانة ومسؤولية، وقد ركز الباحث على زمن القرن الثالث عشر الهجري مع تسليط الضوء على اعمال وجهود الشيخ يحيى بن خلفان الخروصي كنموذج له العديد من الاسهامات في هذا المجال.
أما الجلسة الثالثة والأخيرة في اليوم الأول والتي أدرها الأستاذ محمد بن حمد الشعيلي محاضر بالجامعة العربية المفتوحة مسقط، تحدثت حول مصادر التاريخ العماني، و تناولت ثلاث أوراق عمل، الأولى للدكتور صالح محروس عبداللطيف من جامعة بني سويف، بعنوان السير الذاتية مصدر من مصادر التاريخ العماني سيرة على محسن البرواني نموذجاً، والتي تناولت أربع محاور أبرزت المحور الأول حول أهمية السير الذاتية كمصدر من مصادر التاريخ العماني، والمحور الثاني بينت ما تناولته مذكرات على محسن البروانى والثالث تناول فيه الباحث تقييم مذكرات على محسن البرواني، والرابع خلصت في مجموعة من النتائج والتوصيات.
وقدمت الباحثة هيفاء بنت أحمد المعمرية من وزارة التربية والتعليم – باحثة تربوية، ورقة عمل بعنوان المخطوطات والوثائق العمانية الواقع والرؤية المستقبلية، تاريخ المخطوطات والوثائق العمانية وأهميتها التاريخية ، حيث ناقشت الباحثة في دراستها، خصائص المخطوطات والوثائق العمانية وسماتها، وجهود المؤسسات الحكومية والأهلية في مجال تجميع المخطوطات والوثائق العمانية، والمناهج العلمية في تحقيق المخطوطات والوثائق ونشرها، وأخيرا الخطط والاستراتيجيات والرؤى المستقبلية للمشاريع ذات الصلة بالمخطوطات والوثائق العمانية من داخل السلطنة وخارجها.
والورقة الأخيرة جاءت بعنوان تاريخ عمان البحري في التراث اليمني والعربي للدكتور أحمد صالح رابضة – جامعة عدن ، وانقسمت دراسته إلى أربع مباحث، الأول : دراسة تمهيدية عن العلاقات العمانية اليمنية، وعلى الأخص البحرية الضاربة بجذورها في القدم، والبحث الثاني : يدرس ما كشف عنه التراث الخطي اليمني البحري من حقائق ومعلومات عن تاريخ عمان البحري ودور الملاحين اليمنيين في ذلك. والثالث : حول الأساليب والطرائق البحرية في معرفة الخطوط والمسالك البحرية ، ومدى التقارب والتشابه بينها وبين طرائق الربابنة اليمنيين ، أما المبحث الرابع : وهو نتيجة حتمية للمباحث السابقة الذي تلم بملامح من العلاقات التجارية والاقتصادية بين عمان واليمن، والتي أفصحت عن بعضها ، هذه المصادر الخطية والمراجع المختلفة التي استقت معلوماتها من التراث الخطي، بتتبع دقيق للمعلومات المستقاة من التراث الخطي المندثر أو نادر الوجود إن أمكن .
حيث سيتم متابعة الجلسات في اليوم التالي للملتقى وقراءة البيان الختامي، تحت رعاية سعادة الدكتور رئيس الهيئة .