( المعرض الوثائقي الثالث )
من 10 – 16 نوفمبر 2012م
في مسقط ( مركز عمان الدولي للمعارض)
افتتحت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية المعرض الوثائقي الثالث بالسلطنة وحفل تكريم الدفعة الثالثة من المواطنين والمبادرين في تسجيل وثائقهم الخاصة وذلك تحت رعاية معالي الشيخ الفضل بن محمد الحارثي أمين عام مجلس الوزراء ، و يأتي ذلك تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الثاني والأربعين المجيد وسعيا من الهيئة في إبراز الدور الحضاري والتاريخي للسلطنة .
في بداية الحفل استهل بخير الكلام آيات بينات من الذكر الحكيم، بعدها قدم سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني كلمة الهيئة قال فيها ” يُشرفني في هذا اليوم أن أرحب بكم أجمل ترحيب وأحييكم تحية طيبة شاكراً تشريفكم لنا بهذه المشاركة التي تأتي اعتزازا بالدور الحضاري والتاريخي لهذا البلد العزيز لقد عمل الإنسان على توثيق أعماله ومنجزاته بهدف حفظها والرجوع إليها عند الحاجة وتخليدها للأجيال القادمة فكان لاختراعه الخط الذي يُعتبر إنجازاً كبيراً في تاريخ البشرية ومع توسع الإنسان في أنشطته وأعماله المختلفة أصبحت ذاكرته الشخصية غير قادرة على حفظ تلك الإنجازات فبدأ باستعمال علامات صورية وعددية تدل على الأشياء وتعبر عنها ومع تطور الكتابة الصورية إلى الأبجدية تطورت فكرة الحفظ والتدوين الأولى حول حياة الإنسان وتاريخ سيرته على وجه الأرض وسجل وثائقه بمختلف النقوش والأشكال المادية والحضارية مستفيداً من الكهوف وجنبات الجبال وجدران المعابد والهياكل والقصور والحصون فظهرت القوانين وقواعد المعاملات وضبط أحوال السلم والحرب وتسجيل العقود والمعاهدات وتنظيم الأرض الزراعية وغيرها مما يؤكد على أهمية الوثيقة في حياة البشرية فهي روح الأمة وسجلها الخالد وتاريخها الحافل ولهذا يجد علم التاريخ ونظرياته اهتماما خاصاً من الدول والمؤرخين وتشكل الوثائق أهمية كبيرة في البحث التاريخي واتجاهاته وتأثره بالأحداث الاقتصادية والاجتماعية والفكرية ورصد مراحل التطور الحضاري للبشرية وما رافقها من تطورات كبرى على مسرح الأحداث العالمية وبقدر ما يتاح للدول من أرصدة وثائقية تمكنها من تسجيل مراحل تطورها الحضاري وتعينها على الدفاع عن حقوقها المشروعة وتدحض كل ما من شأنه أن يقلل من دورها الحضاري والإنساني في تطور الحياة البشرية وتقدمها وقد تفرض من ذلك ضرورة إعادة كتابة التاريخ بصورة تتصل باتجاه الوعي الجديد فيها ويساعد ذلك على فهم نهضتها وهو ما يضع المسؤولية الأولى في كتابة تاريخ الأمة على الدولة والمؤرخين معا إذا أريد أن يفهم تاريخها بصورة سليمة من خلال الاستغلال الأمثل للوثائق والمخطوطات والعملات والجوانب الأثرية والمورث الثقافي وغيرها وكل ما يتصل بالأنماط المعيشية للمجتمع في كافه مناحي الحياه” .
كما أكد سعادته على إن استنطاق الوثيقة ومتابعتها وكتابة التاريخ اعتمادا عليها أمراً ليس بالهين ولا اليسير وسيبقى التاريخ لكل بلد قائم على قواعد وركائز وحقائق ثابته لا تعتمد على أسس الأيدي لوجيات المتغيرة فكراً ومكاناً وأرضاً وزماناً سيظل تاريخ عمان يكتب بأقلام لن تستطيع أن تدمغها فيما بعد أيادي الأخرين مهما بُعد بغياب الوعي بهدف استبدال تاريخ بآخر فإن وعياً آخر ليقود المسيرة بكل مؤثراتها شكلاً ومضموناً لا يدع مجالاً ليعتذر كل جيل منهم في هدم ما سبق بغياب جيل سابق فالتاريخ العماني ممتد في حقب تاريخية متصل فهو لا يغيب بوجود إمام أو سلطان أو أسرة أو انقضاء عصر وهو ما نشاهده ماثلاً أمامنا من الحفريات والمعالم الأثرية التي تُشكل امتدادا لحياة الإنسان العماني الذي أسهم في البناء الحضاري وأولاه العناية والرعاية والاهتمام وحظى بالفخر والاعتزاز وتعمل الهيئة في سبيل ذلك لحفظ وجمع الذاكرة الوطنية فضلاً عن الاهتمام في التعريف بالجوانب الحضارية والثقافية إسهاماً مع الجهات الأخرى في هذا المجال وإقامة المعارض والندوات التخصصية مع عدد من دول العالم والشروع في إبــــراز الجانب البحثي للوثائق من خلال إصدار البحوث والدراسات وستشرع الهيئة في انطلاق برنامجها خلال الشهر القادم لتسجيل الذاكرة الشفوية لأفراد المجتمع .
كما وجه سعادة الدكتور كلمة شكر وتقدير للمواطنين الكرام على حُسن التعاون والتجاوب لتسجيل وثائقهم الخاصة لدى الهيئة والتي تُشكل رصيداً هاماً في التعرف على النظم والحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع وإن إقامة هذا المعرض الذي صمم على شكل تاريخي تراثي يمثل تقسيمات لقلعة بهلاء يضم في جنباته وثائق متنوعه ومخطوطات وعملات وطوابع وصور وغيرها فضلاً عن نماذج لأنشطة عملية لآليات العمل في مجال الصيانة والترميم والتخزين الإلكتروني والميكروفيلم . كما تقدم سعادته بالشكر و التقدير للمواطنين الكرام الذين تشرفنا بمشاركتهم هذا الحفل لتكريمهم على مبادرتهم الخيرة واستجابتهم في تسجيل وثائقهم لهذا العام . و وجه كذلك كلمة شكر لمعالي الشيخ/ الفضل ابن محمد الحارثي أمين عام مجلس الوزراء الموقر لرعايته هذا الحفل، وشكر سعادته جميع وسائل الإعلام على الجهود المبذولة في تغطية فعاليات المعرض والأنشطة المصاحبة كما وجه الشكر والتقدير لإدارة مركز عمان الدولي للمعارض على التعاون مع الهيئة في إقامة المعرض وتحية خاصة أنقلها بالشكر والتقدير لجميع الزملاء الأعزاء في الهيئة على جهودهم المتواصلة في كافة المجالات وعلى الإعداد والتحضير لهذا المعرض”.
بعدها قدم الفاضل محمد بن عبدالله السيفي كلمة نيابة عن مالكي وحائزي الوثائق الخاصة تحدث فيها عن تجربته في تسجيل وثائقه الخاصة وعن أهمية وقيمة الوثائق المتجمعة لدى أفراد المجتمع حيث قال “إن للتاريخ العماني العريق جذورا ما زالت تضخ في غصونه ماء الحياة والمجد ، ومسارا مستقيما يسير عليه، صنعته النهضة الجديدة لعمان ليظل حاضرا في حاضرنا ومقبلا بثقة إلى مستقبلنا
إن الوثيقة تمثل شاهدا عظيما على أحداث مضت سواء كانت عامة أم خاصة وبها نستنطق ماضيا وانقضى ولا تزال الوثيقة تجسد أهمية عظمى في تسطير تاريخ الأمة والحفاظ على مجدها حتى أولت الحكومة لها اهتماما خاصا تجسد في إنشاء هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لتكون الحافظة الأم لذاكرة الوطن الوثائقية.
لقد أثبتت الهيئة جدارتها وقدرتها على البحث عن الوثائق التي تخص ذاكرة وطننا العريق فشرقت وغربت تنقيبا وبحثا عن كل وثيقة تفوح منها رائحة التاريخ العماني والهوية العمانية الأصيلة حتى جمعت لذاكرة عمان عددا كبيرا من الوثائق المهمة التي تحكي عن تاريخ شعب سطر أمجاده بحروف من نور ينشر التسامح والإخاء ويوطد العلاقات مع الشعوب ليكتب له في سطور الزمان سيرة ذاتية من حب وسلام ووئام.
وان الزيارات التي يقوم بها موظفو الهيئة للمواطنين في أماكن إقامتهم بحثا عن الوثائق الخاصة التي ورثوها أبا عن جد لهي عمل عظيم يضاف إلى أعمال الهيئة المشرفة والعظيمة وهذا دليل على بعد النظر ورجاحة الرأي لأن الوثائق الخاصة الموجودة لدى المواطنين لها أهمية تاريخية واجتماعية قديما وحديثا وهي لسان لا يصمت يحكي عن تاريخ الأسرة ومجدها وفي نفس الوقت تحكي عن تاريخ أمة وشعب عريق.
وفي ختام كلمته قال السيفي: “أتقدم بالشكر والعرفان لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على جهدها الكبير والمستمر في حفظ التاريخ العماني وخاصة الوثائق الخاصة ومن هنا أناشد جميع الأخوة المواطنين إلى المبادرة للتواصل مع الهيئة لتسجيل وثائقهم للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الهيئة في مجال صيانة وصون وترميم الوثائق والمخطوطات والمحافظة عليها لتطلع عليها الأجيال القادمة.
وأسأل الله أن يحفظ هذا الوطن الغالي وسلطانه ذا المقام العالي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه الذي أولى لتاريخ عمان الاهتمام الأكبر وحافظ عليه من الاندثار وعمل جاهدا على أن يكون هذا الجيل عالما بتاريخه مفتخرا بأمجاده”.
بعدها قدمت مادة فلمية تتحدث عن المعارض التي أقامتها الهيئة، تلتها وقفه شعرية في فن الميدان ، وفي ختام الحفل قام معالي الشيخ الفضل بن محمد الحارثي راعي الحفل بتكريم المواطنين المبادرين بتسجيل وثائقهم لدى الهيئة، كما تم تكريم المشاركين في الحفل والمؤسسات الراعية والمؤسسات الإعلامية التي ساهمت في تغطية هذا الحفل وبعدها دعي معالي الشيخ راعي الحفل لافتتاح المعرض الوثائقي الثالث، والذي تجول في جميع جوانب المعرض وأقسامه المختلفة.
يأتي هذا المعرض استمرارا للنجاح الذي حضي به المعرضين الوثائقيين الأول والثاني، وانطلاقا لتحقيق الأهداف التي تسعى الهيئة إليها، كما أن المعرض الوثائقي الثالث أكبر مساحة من سابقيه وأشمل من حيث الأقسام المتعددة فيه لاختصاصات الهيئة والأعمال الفنية والتخصصية التي تعمل عليها الهيئة للحفاظ على الوثيقة وحفظها بالطرق الآمنة والسليمة، وستتعدد موضوعاته من وثائق وصور تاريخية نادرة وعملات وطوابع وخرائط ، و معامل فنية للميكروفيلم والترميم والتعقيم، حيث سيتميز هذا المعرض بالتصميم الحضاري لقلعة بهلاء من حيث الشكل الخارجي والتقسيمات الداخلية للقلعة من الأبراج والغرف والمسجد وحتى الروازن والنوافذ الداخلية، فملامح قلعة بهلاء لها دلالات معمارية متميزة جعلت منها مَـعْـلَـمًا حضاريا بين الأمم و أدرجت ضمن التراث العالمي واعتمدته منظمة اليونسكو كمحمية ثقافية في سلطنة عمان بتاريخ 29121987م.
فإن الدور الذي تقوم به الهيئة في تكوين رصيد وثائقي يشكل جزءا أساسيا من الذاكرة الوطنية، ويعد بعدا تاريخيا بحثيا بما توفره الوثائق من مادة مهمة وشاهد حي يستدل به الباحثين والدارسين والمهتمين في تاريخ الوطن في بحوثهم ودراساتهم المختلفة. حيث تشكل المعارض جزءا مهما من أشكال اطلاع هذه الوثائق للمجتمع بكل فئاته، وتسعى الهيئة إلى إبراز هذا المخزون الوثائقي الذي يمثل مدخلا أساسيا لقراءة الحضارة والتاريخ العماني الأصيل في كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية والفكرية، حيث سينقسم المعرض إلى مجموعة من الأقسام المختلفة ويعرض فيه ما يزيد عن 100 وثيقة وصور تاريخية وخرائط وطوابع وعملات قديمة وهي: ركن للعلاقات الدولية يوضح العلاقات الدولية بين السلطنة وبقية دول العالم، وركن الوثائق الخاصة “الوثائق التي يمتلكها المواطنون”، وركن للخرائط القديمة والتي توضح المدن والقرى والموانئ والبنادر التي تجوب بها السفن العمانية، والتي تبين مدى أهمية تحديد المسارات البحرية التي تربط عمان والمحيط الهندي وشرق أفريقيا والجزيرة العربية والمناطق الآسيوية ومدى حجم التبادل التجاري بين عمان ودول العالم، و ركن وثائق الأصول والذي يشمل المراسلات وعقود البيع والشراء والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والوصايا وبعض الأوسمة والتهاني وغيرها. وركن يضم العملات والطوابع، وركن للمخطوطات ، وركن لبناء نظام إدارة الوثائق في الوحدات الحكومية والذي يوضح منظومة العمل وأهمية إرساء هذا النظام العصري لحفظ الوثائق ، وركن للميكروفيلم والسمعيات والبصريات ،حيث سيتم عرض هذه التقنية بفيلم بانورامي ، وركن الترميم ” وهي معمل ترميم لشرح طرق الترميم الحديثة و لتوضيح خطوات الترميم “، وركن خاص بإنجازات هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ، توضع فيها أهم فعاليات وأنشطة الهيئة وإنجازاتها، وركن خاص للمشاركة الدولية