افتتاح ندوة عمان في الوثائق الفرنسية والمعرض الوثائقي المصاحب لندوة
مذكرة تفاهم في مجال الوثائق والمحفوظات بين عمان وفرنسا ومعرض وثائقي
- لونج : تاريخ عمان وفرنسا متجذر منذ القدم وممتد للمستقبل
- الضوياني:ندوة عمان في الوثائق الفرنسية تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين البلدين
- المعني: عمان تعزز التبادل الثقافي العلمي مع دول العالم بمفهوم السلام وفهم الآخر
- لاي موا:مسؤوليتنا تكمن في ترسيخ كل ما تحمله المخطوطات من مفاهيم وعلاقات مشتركة
انطلقت صباح اليوم أعمال ندوة عمان في الوثائق الفرنسية التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتنسيق مع سفارة السلطنة بباريس وكلا من الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي وارشيف وزارة الدفاع الفرنسية، والأرشيف الوطني الفرنسي، هذا ومن الجانب العماني وقعت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مع الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي مذكرة تفاهم في مجال الوثائق والمحفوظات، كما تم على هامش الندوة تنظيم معرض وثائقي عماني سيستمر حتى العاشر من ابريل الجاري.
حيث بدأ الحفل بكلمه ألقاها سعادة الشيخ حميد بن علي المعني سفير سلطنة عمان المعتمد لدى جمهورية فرنسا، ذكر فيها “أن لعمان مسارها المختلف في العديد من الجوانب الحياتية، فعمان متمسكة بالخيار الثقافي ، وثقافة السلام والبحوث العلمية وأهم الإنجازات التي حققها الفكر البشري خاصة وأنها دائما ترحب بتعزيز التبادل الثقافي والعلمي ، وضرورة فهم الماضي بشكل جيد اعتباره القاطرة التي تساع على دخول المستقبل ، عمان تسعى لفهم الآخر من خلال الحقائق ومبادئ تتركز على ضوابط معينه وليست تسيس، كما تعمل على تعميق مفاهيم السلام واحترام الآخر مهما كانت اختلافاته ولون بشرته والتاريخ خير دليل على ذلك ، وذلك بحكم أتساع رقعة التواجد العماني في العالم منذ بداية التاريخ بين الهند والصين، فتأتي هذه الندوة في وقت كثرت فيه المتاعب والأزمات الدولية، وهي قاطرة لبذل المزيد من التعاون الثقافي والبحوث بين الدولتين، والعمل على تعزيز الانسانية والتعاون مع الاخر فنحن بحاجة لهذا الفهم والتفاهم من دون الوقوع في فلسفة التسيس وجوانبها السلبية، كما تسعى لدحر العنف وذلك عن طريق مساهمات الباحثين لانهم الاساس بالدرجة الاولى، والتي تكمن في مساعدة الانسانية والرقي بها بعيدا عن تضارب المصالح “.
العلاقات الثنائية
وأكد معالي جاك لونج مدير المعهد العربي في كلمته التي قدمها “إن العلاقات القديمة بين فرنسا وعمان هي علاقات متجذرة جدا ويعود تاريخها إلى 1660م ، حيث أن السفن البحرية كانت أساس بداية تلك العلاقة ، خاصة وأن التجارة البحرية لدى عمان شهدة انتعاشا في القرنين السابع عشر والثامن عشر ، وبذلك استطاعت عمان أن تمد اوصار تلك العلاقات بينها وبين فرنسا عبر التجارة البحرية التي كان لها انتعاشا في تلك المرحلة ، وقد حققت عمان تلك المكانة التاريخية والعلاقات الوطيدة حيث ارتأت فرنسا أنه من الملائم أن يربطها بعمان رابط رسمي حيث تلقت في عام 1970م، تصريحا لأقامت وكالة في مسقط، ومن بين أهم المبادرات بين البلدين هو ميثاق الصداقة والتجارة التي تعتبر أهم المبادرات في تلك المرحلة وتلتها بعد ذلك العديد من المبادرات الأخرى.
بعد ذلك تطرق سعادة لاي موا مدير الأرشيف الوطني الفرنسي” إلى أهمية التاريخ والعلاقات التي تربطنا بعمان، إن برنامج الذاكرة المشتركة التي نحاول أن نبنيها معا هي مبدعة جدا خاصة وأننا سخرنا كل وسائل التكنلوجيا المتطورة لنتذكر تلك المعاهدات والعلاقات بين البلدين، وأعتقد أن مثل هذه المبادرات تسمح لنا بالعمل معا في تقديم المعلومات المشتركة التي تمثل حجم العلاقات بين البلدين، إن مسؤوليتنا تكمن في إعطاء وترسيخ كل ما تحمله هذه المخطوطات من مفاهيم وعلاقات مشتركة لعدد كبير من الناس لتعرفهم بحجم تلك العلاقة”.
جذور التاريخ
تلى ذلك كلمة قدمها سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قال فيها: ” نفتتح اليوم ندوة عمان في الوثائق الفرنسية، والمعرض الوثائقي العماني المصاحب لها، فعمان ذات ماض ٍعريق، وتاريخ تليد، فكان للعمانيين نشاط بحري أسهم في خلق التواصل الحضاري بين المسالك البحرية، ما بين عمان والشرق الأقصى، وصولا للغرب الأوربي والقارة الأمريكية، فكان لهذا التفوق في مجال التجارة البحرية على وجه الخصوص، الأثر الذي ميز العمانيين في ضلوعهم بعلوم البحار والملاحة والفلك والجغرافيا، فخلّف الانسان العماني الآثار الدالة على الاشتغال بالملاحة والتجارة، وبناء علاقات دبلوماسية، مبنيةعلى حسن التعامل ومد يد المحبة والسلام، وترتكز على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وفق الاتفاقيات والمعاهدات التي ارتبطت عمان بعلاقاتها بدول العالم، خلال الفترات والحقب التاريخية المختلفة، والتي سيتم الوقوف عليها من خلال ما نشاهده من الوثائق، التي تؤكد حجم العلاقات مع كل دولة ارتبطت مع عمان بعلاقات متميزة.
هذافقد دأبت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، إلى إبراز العلاقات التاريخية، من خلال تنظيمها سلسلة من الندوات والمعارض الوثائقية، فقد شهدت دول عديدة إقامة فعاليات مماثلة، ساهمت في التعرف على الصلات القائمة بين عمان وتلك البلدان، فضلا عن إعداد البحوث والدراسات لهذا الغرض، وإتاحتها لخدمة الباحثين والدارسين ورفد المكتبات بهذا الانجاز الحضاري.
علاقات وطيدة
كما ذكر الضوياني:وانطلاقا من العلاقات العمانية الفرنسية المتميزة، بسموها ورقيها ورسوخها خلال القرون الماضية، وإلى يومنا الحاضر، وتحقيقا للأهداف المرجوة والغايات المنشودة ، نعقد ندوة عمان في الوثائق الفرنسية، لنؤكد ونشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين، التي اتسمت بالتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ، فعملت المؤسسات المختلفة بين البلدين في تنامي متزايد، يعزز تنمية القدرات، وتبادل الخبرات، والاستفادة من التجارب والبرامج في كلا البلدين ، وفي هذا الاطار، فقد أولت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية اهتمامها نحو إيلاء هذا الجانبمزيدا من البحث والدراسة، وابراز العلاقات العمانية الفرنسية، كما أنه يشجع الباحثين للعمل على اجراء مزيدا من البحوث والدراسات العلمية، وتشجيع البحث العلمي والابداع الفكري، وتوجيه الطلاب في البلدين نحو استغلال الوثائق المتاحة لخدمة العلم والثقافة والحضارة الانسانية، وادركا للقيمة العلمية لهذا الإنجاز، فقد كان ذلك حاضرا لدى المؤسسات الوثائقية الأرشيفية الفرنسية، لما وجدناه من ترحيب يعبر عن المودة والدفء لهذه العلاقات، التي تسمو في نفوسنا وتزداد ثباتا وتطلعا لآفاق جديدة من التعاون بين البلدين، وتؤكد هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ومن خلال تنسيقها وتعاونها مع سفارة سلطنة عمان في باريس، والأرشيف الدبلوماسي الفرنسي، والأرشيف الوطني الفرنسي، وأرشيف وزارة الدفاع، فقد عملنا معا في الإعداد والتنظيم لهذه الندوة والمعرض الوثائقي، وعبرنا جميعا على أهمية تبادل المعلومات الوثائقية، واتاحتها لخدمة العلم والعلاقات بين البلدين، وشرعنا في إعداد مذكرة تفاهم بين الهيئة والأرشيف الدبلوماسي سنشهد جميعا حضور توقيعها خلال هذه المناسبة، مما يشرفني أن أتوجه بخالص الشكر وعظيم التقدير، لسفارة سلطنة عمان في باريس وعلى رأسها سعادة الشيخ السفير، وكافة أعضاء السفارة على جهدهم المتواصل وعملهم الدؤوب، مع المنظمين لهذا الحدث التاريخي ، كما يسرني أن أشيد بالتنسيق والتعاون الايجابي والمثمر، مع الأرشيف الدبلوماسي الذي أقدم له شكري وتقديري لإدارته وأعضائه، كما أشكر إدارة وموظفي الأرشيف الوطني الفرنسي علىحسن التنسيق والتعاون، والشكر موصولا تقديرا واحتراما لأرشيف وزارة الدفاع الفرنسية، لتجاوبهم وتعاونهم لهذا الحدث”.
أهداف الندوة
وقد هدفت الندوة العلمية الوثائقية إلى دراسة العلاقات العمانية-الفرنسية دراسة معمقة تشمل تاريخها السياسي والحضاري والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والثقافي، وتجلي عناصر التفاعل بين البلدين الصديقين عبر مراحل متعددة تاريخياً، وتأكيداً للنظرة المشتركة بين كل من سلطنة عمان وجمهورية فرنسا لإبراز هذه الجوانب وتجسيد هذه العلاقة واستمرارها وتطوير التواصل والإخاء، وترسيخ ذلك للأجيال فيما يربط هذه المجتمعات من علاقات وطيدة، ويكمن ذلك التفاعل في إبراز التواصل الحضاري في رسم مسارات العلاقات بين عمان وجمهورية فرنسا، ومن هنا ارتأت الهيئة إقامة هذه الندوة العلمية، لاستعراض مسيرة تاريخ وحضارة عمان وتواجدها في الشرق الأفريقي والمحيط الهندي وعلاقاتها بفرنسا، واستجلاء الجذور والمرجعيات التاريخية للتطور، فالتاريخ هو مستودع التجارب وكاشف الحقائق، ولا بد من الانتفاع به، ويأتي ذلك من خلال الرجوع إلى المصادر الأصلية سعيا إلى كتابة تاريخ شامل يقوم على منهج علمي دقيق ومؤصل، فضلاً عن افتقار المكتبة العربية والأجنبية وعدم معرفتها واطلاعها بوضوح حول ذلك، وتأكيد أهمية العلاقات العمانية-الفرنسية ودورها التجاري، ولذلك اتجهت الدبلوماسية الفرنسية نحو تطوير العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع عمان، ويشمل ذلك أيضاً الاهتمام الفرنسي بالتواجد العماني في شرق أفريقيا والمناطق المجاورة لها؛ فالندوة ستلقي الضوء من خلال بحوثها المقدمة على حجم العلاقات القائمة، كما إنها ستكشف جانباً من الجوانب الحضارية والتاريخية والعسكرية لعمان ودورها وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية وفي ترسيخ علاقات متينة مع دول العالم، وستشكل أوراق العمل رصيداً هاماً لإبراز هذه الجوانب.
أوراق العمل
حملت الندوة في طياتها مجموعه من المحاور المهمة والتي ركزت على العلاقات التجارية بين عمان وفرنسافي عهد السيد سعيد بن سلطان: 1806-1856، و كذلك تراث الأرشيفات والتعاون الدولي في الأرشيف الوطني (فرنسا): الخبرة والممارسات المشتركة، أيضا طرحت الندوة قضايا سياسية في العلاقات العمانيةــالفرنسية من خلال الأرشيف الوطني الفرنسي 1844ــ1907، كما ألقت الضوء على المحاولات الفرنسية لربط علاقات دبلوماسية وتجارية مع عمان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتابعت الندوة نظرة الفرنسيين للحياة الاجتماعية العمانية من خلال الأرشيف الفرنسي، كما تطلعت الندوة على التعاون العسكري الفرنسي-العماني منذ عام 1980م، ودرست الندوة أيضا العلاقات العمانية الفرنسية من خلال السفينة العمانية الصالحي: 1786-1790، كما تابعت مسائل من تاريخ عمان الاقتصادي من خلال “مجلّة العالم الإسلامي” الفرنسية(1906-1926)، وناقشت العلاقات الاقتصادية العمانية الفرنسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كما قدمت الندوة قرآه على الفرصة ضائعة للعلاقات العمانية الفرنسية :فترة تعيين القنصل بيار جوزيف بوشامب في مسقط.
جلسات الندوة:
تضمنت الجلسة الأولى خمس أوراق عمل ترأسها البروفسور دومينيك جيومان، حيث جاءت الورقة الأولى للدكتور محمد بن سعد المقدم أستاذ في جامعة السلطان قابوس بعنوان العلاقات التجارية بين عمان وفرنسا في عهد السيد سعيد بن سلطان 1806-1856م، والتي أبرز فيها حول بدء الدبلوماسية الفرنسية في الخليج والمحيط الهندي بإنشاء شركة الهند الشرقية الفرنسية عام 1664م؛ ونظرا لموقع عمان الاستراتيجي ودورها التجاري فقد اتجهت الدبلوماسية الفرنسية نحو تطوير العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع عمان، لا سيما في عهد السيد سعيد بن سلطان، الذي كان لسياسته المتوازنة أثر في إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا. وتلقي هذه الورقة الضوء على العلاقات التجارية العمانية الفرنسية في عهده، وتحديداً بعد نقل مقر إقامته إلى زنجبار في عام 1832م، ثم توقيع المعاهدة الدبلوماسية والتجارية بين عمان وفرنسا في 17 نوفمبر1844م، ثم تعيين قنصل فرنسي في زنجبار وآخر في مسقط؛ إذ أتاحت هذه الاتفاقية للفرنسيين حرية استيراد السلع من الأقاليم التابعة للسيد سعيد في عمان وشرق أفريقيا على أن يدفعوا رسماً حدّد بـ 5% من قيمة السلع الداخلية والخارجية في الموانئ العمانية، كما حصل الرعايا الفرنسيون على حق التنقل والإقامة والتجارة وشراء الأراضي والمنازل والمحال التجارية وبيعها واستئجارها. وقد وضعت معاهدة عام 1844 فرنسا على قدم المساواة مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في عمان، وهكذا أصبحت هذه الاتفاقية المرجع الرئيسي في العلاقات العمانية-الفرنسية.
تراث الأرشيفات
وتحدثت الورقة الثانية حول تراث الأرشيفات والتعاون الدولي في الأرشيف الوطني (فرنسا): الخبرة والممارسات المشتركة والذي قدمها البروفسور يان بوتين أستاذ التاريخ والمحفوظات البيليوغرافية والأرشيف بباريس، والتي تحدث حول تطور خدمة الأرشيف الوطني في فرنسا، منذ إنشاءها في عام 1790م، في قلب الإجراءات القانونية للثورة الفرنسية، حيث وضعت المحفوظات الوطنية نموذجا واضحاً على وظيفة مزدوجة سواء كانت في الوظائف الإدارية أو التراث، وفي وقت لاحق أكد الأرشيف الفرنسي كفاءته كمؤسسة مهمة للوساطة الثقافية والتعليمية، وكانت المحفوظات الفرنسية الممثل السري لبناء الدولة في القرن 19م. إن المحفوظات الوطنية الفرنسية لم تتوقف أبداً أن تكون الضامن لسيادة الدولة بعد الاهتمام الكبير الذي منحتها إياه الدولة في وضعها المالي. وفي إطار إنشاء اليونسكو، استضاف الأرشيف الفرنسي في موقعه التاريخي في باريس 1950م المجلس الدولي للأرشيف، حيث أكد المجلس الدور الفعال لهذا الموروث في المحفوظات الفرنسية منذ 65 سنة، وأن التدريب الدولي الذي يعقد سنويا يعتبر المحرك لاستضافة ممارسات وتبادل الخبرات العلمية، ويهدف هذا إلى دعم التعاون الدولي بين الأرشيفات الفرنسية وهيئة المحفوظات الوطنية بسلطنة عمان ونظيراتها بدول العالم العربي.
قضايا سياسية
وعنونة الورقة الثالثة بقضايا سياسية في العلاقات العمانية ــ الفرنسية من خلال الأرشيف الوطني الفرنسي 1844ــ1907 للأستاذ دكتور بوعزة بوضرساية خبير وطني على مستوى وزارة التعليم العالي، الجزائر ، وتناول العديد من قضايا التاريخ العماني بشقيه العربي والأفريقي مازال يكتنفها الغموض ولم تر النور من حيث البحث التاريخي المعمق وهي موجودة على مستوى دور ومحفوظات الأرشيف الفرنسي، ولعل أهمية هذه القضايا المتنوعة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية هي التي تفرض على المؤرخ والباحث العماني والعربي بصورة خاصة وغير العربي بصورة عامة زيادة الاهتمام والبحث في مضامين هذه القضايا، وهي تعكس الاهتمام المتزايد من طرف الفرنسيين بالتاريخ العماني، ولكن بما يخدم مصالحهم بالدرجة الأولى في ظل الصراع الثنائي بين فرنسا وبين المملكة المتحدة في مناطق المحيط الهندي حيث كانت السيطرة واضحة المعالم لسلطنة عمان في مجالات عدة، وانطلاقا من هذا المنحى التاريخي كانت الأحداث في هذه المنطقة لأهميتها لها دلالاتها خاصة محاولات فرنسا سد الطريق أمام عدوتها وصديقتها التقليدية في إنجلترا، ونخص بالذكر مقرات القناصل التي كانت تزود الحكومة المركزية عن طريق تقاريرها اليومية بكل المستجدات وتدوين ما يمكن تدوينه كأحداث تهم فرنسا بالدرجة الأولى. هذه القضايا التاريخية العمانية التي يزخر بها الأرشيف الفرنسي تعكس الأهمية الكبيرة التي كانت تحتلها السلطنة في الحسابات السياسية الفرنسية.
والورقة الرابعة قدمها الأستاذ دكتور بوعلام بلقاسمي أستاذ التاريخ الحديث، جامعة وهران، الجزائر، والتي حملت عنوان المحاولات الفرنسية لربط علاقات دبلوماسية وتجارية مع عمان في القرنين 18و19م، وأشار فيها إلى أن المصادر التاريخية تبين أن أول الاتصالات بين فرنسا وعمان تعود إلى منتصف القرن السابع عشر الميلادي -بعد طرد البرتغاليين من البلاد -من خلال وصول السفن التجارية لشركة الهند الشرقية الفرنسية إلى مسقط. ومع نمو الأسطول التجاري العماني طيلة القرن 18م والنصف الأول من القرن 19م، نمت العلاقات بين عمان وممتلكاتها الأفريقية والمستعمرات الفرنسية في المحيط الهندي. تتطرق الورقة المقترحة إلى المحاولات الفرنسية لربط علاقات تجارية ودبلوماسية مع عمان خلال القرنين 18م و19م، خاصة بعد قيام حكم آل بوسعيد في عام 1744م وتحوّل مسقط إلى مستودع إقليمي رئيسي للبضائع وأول ميناء تجاري في منطقة الخليج. وقد سعت فرنسا إلى الاستفادة من الوضع المميز لعمان بقصد ترسيم علاقات بين الدولتين، بداية من عهد الإمام أحمد بن سعيد، الذي منح الفرنسيين امتياز إنشاء مخزن تجاري في عام 1775م وحق تعيين ممثل عن فرنسا في مسقط سنة 1786م. بعد ذلك، مرت العلاقات بين فرنسا وعمان بمرحلة جمود بسبب اندلاع الثورة الفرنسية 1789م. تجددت المحاولات الفرنسية في عام 1807م بإبرام السيد سعيد بن سلطان لاتفاقية مع الحاكم الفرنسي لجزيرة فرنسا Ile de France (جزيرة موريشيوس حاليا). وأبرم السيد سعيد بن سلطان اتفاقية في 1841م تبعتها معاهدة للصداقة والتجارة في 1844م. حيث مكنت هذه المعاهدة الطرفان من تطوير المبادلات التجارية بين زنجبار وجزيرة بوربون. ولقيت رحلة السفينة’ لا كارولين‘ (La Caroline) إلى مدينة مرسيليا الفرنسية نجاحا تجاريا كبيرا، وصدى إعلاميا أكبر بقيام الحاج درويش – مبعوث السلطان سعيد بن سلطان إلى فرنسا – بزيارة تولون وباريس، حيث استقبله لويس-نابليون، رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك. بعد وفاة السيد سعيد بن سلطان في سنة 1856م، خضعت العلاقات الفرنسية-العمانية لتقلبات المنافسة الشرسة بين باريس ولندن في منطقة المحيط الهندي وشرق أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية، وتعززت العلاقات الفرنسية-العمانية في سنة 1894م.
الحياة الاجتماعية
وجاء عنوان الورقة الأخيرة من الجلسة الأولى بعنوان نظرة الفرنسيين للحياة الاجتماعية العمانية من خلال الأرشيف الفرنسي الذي قدمها الدكتور الياس نايت قاسي أستاذ محاضر في قسم التاريخ والجغرافيا بالمدرسة العليا للأساتذة بوزريعة، الجزائر، وأبرز فيها اهتام الفرنسيون السياسيون منهم والعسكريون بالحياة الاجتماعية للمجتمع العماني في مسقط وزنجبار فنقلوا كل شاردة وواردة عن عادات وتقاليد المجتمع العماني بل ودونوها في مؤلفاتهم، وكان عشر للقنصليات الفرنسية في القرن التاسع الدور الأبرز في تدوين جوانب عدة عن الحياة الاجتماعية العمانية وكان ذلك عن طريق التقارير والمراسلات التي كانت تصل إلى وزارة الشئون الخارجية مما أضفى على المادة الأرشيفية طابع الموضوعية؛ لذلك سوف نحاول في مداخلتنا التطرق إلى أهم الجوانب الاجتماعية التي ورد ذكرها في الأرشيف الفرنسي سواء في القسم العربي لسلطنة عمان أو في الجانب الأفريقي، وسوف نحاول استقراء وجهات النظر الفرنسية في طريقة تدوين هذه الجوانب الاجتماعية ومحاولة فهم الدوافع الكامنة وراء ذلك، وما إذا كانت المعالجة موضوعية على مستوى القسمين العربي والأفريقي. وإن كانت القنصلية الفرنسية في القسم الأفريقي أنشط من التمثيل القنصلي في مسقط، إلا أن هناك بعض القناصل من أمثال بلكوك تضمنت مراسلاتهم المحفوظة في أرشيف وزارة الخارجية أدق التفاصيل عن الحياة الاجتماعية العمانية، وبنفس العزيمة أو أكثر حاول قناصل فرنسا في زنجبار تتبع التطور والتأثير الاجتماعي للعنصر العربي العماني في شرق أفريقيا، حتى أصبح العنصر الأفريقي يمثل الحياة الاجتماعية في أعلى صورها من شدة تأثره بحياة العمانيين اليومية في الملبس والمشرب والمعاملة الطيبة والتعامل التجاري والأخلاق والسيرة.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية ترأسها الدكتور محمد بن سعد المقدم، والتي بدأت بورقة عمل عنونها التعاون العسكري الفرنسي-العماني منذ عام 1980م للبروفسور دومينيك جيومان أستاذ التاريخ والجغرافيا المسؤول عن الدراسات في الخدمات التاريخية بوزارة الدفاع الفرنسية، مؤكدا على أن البحارة العمانيين والفرنسيين كان لهم اتصالات متكررة في المياه المحيطة بسواحل سلطنة عمان منذ القرن السابع عشر، ظلت العلاقات بين البلدين لفترة طويلة متوترة وذلك بسبب الصراع الفرنسي الإنجليزي على الطريق المؤدي إلى الهند. ومع ذلك فإن الموقع الاستراتيجي لمسقط لا يزال فعال ومؤثر، حيث أخذت عمان مرة أخرى بعداً رائدا بعد الثورة الإيرانية في 1979م، وكانت لعمان الفرصة الذهبية لتصبح الوصي الجديد على مضيق هرمز. ومنذ السبعينات، كانت فرنسا تستثمر المجال البحري بشكل كبير في المحيط الهندي، مما قاد القوات البحرية الفرنسية أن تكون متواجدة في الخليج الفارسي، ونلاحظ أحيانا علامات وجودها بشكل كبير (عملية “بروميثيوس” 1987-1988). ويمكننا أن نقول أن في أواخر الثمانينات، بدأت العلاقات العمانية الفرنسية تقوى على أساس وعي مشترك من التهديدات المحتملة، وحتى حرب الخليج (1990-1991)، ومن هنا كانت الرؤية لإحياء تعاون حقيقي بين البلدين. وهذا هو النموذج العسكري لهذا التعاون المثمر يدعو للاهتمام بدراسة هذا التواصل من خلال تقديم الخطوات الملموسة بين الفرنسيين والعمانيين متمثلة في تبادل الزيارات الرسمية للمسؤولين المدنيين والعسكريين والتمارين العسكرية المشتركة ومعاهدات الأسلحة. وتعتمد هذه الورقة على وثائق من أرشيف الخدمات التاريخية بوزارة الدفاع، والتي تبين قوة العلاقات العمانية الفرنسية، ووجهة نظر الفرنسيين حول موضوع التاريخ المعاصر، ولهذا يؤكد هذا البحث على أهمية الاستفادة من العلاقات الوطيدة بين البلدين، ومن ذلك فإننا نقترح اعتبار هذا البحث وهذه الندوة العلمية بباريس تمهيداً لحوار تاريخي بين جمهورية فرنسا وسلطنة عمان.
سفينة الصالحي
أما الورقة الثانية كانت بعنوان العلاقات العمانية الفرنسية من خلال السفينة العمانية الصالحي: 1786-1790 للدكتور سعيد بن محمد بن سعيد الهاشمي أستاذ مشارك للتاريخ الحديث والمعاصر جامعة السلطان قابوس، مؤكدا على أن هنالك تواصل بين عمان وفرنسا منذ أن وصل الفرنسيون إلى البحار الشرقية في نهاية القرن السابع عشر الميلادي، وقد أكدت الوثائق الفرنسية أن هذا التواصل حدث بالفعل في العقد الثاني من القرن الثامن عشر؛ وكان لفرنسا في عمان وكلاء أو مفوضين خلال هذا القرن يرعون المصالح التجارية والسياسية في مسقط؛ وقد حظي (Mac Nemara) الكونت ماكنمارا على تعهد من الإمام سعيد ابن الإمام أحمد بن سعيد في عام 1790 برعاية المصالح الفرنسية بصفة خاصة بمسقط، وكان الفرنسيون قبل خمس سنوات قدموا هدايا ثمينة للإمام سعيد وتم تعين أحد المواطنين وكيلا تجاريا للفرنسيين في مسقط. تهدف هذه الورقة إلقاء الضوء على المراسلات الخمس التي أرسلها الإمام سعيد بن أحمد للفرنسيين ومضامينها خلال الفترة بين عامي 1786-1790م، والخاصة بالسفينة’ الصالحي‘التي استولى عليها الكونت ديستان (Count d’Estaing). كما سنحلل محتويات الرسائل لمعرفة مدى عمق هذه الصداقة وإلى مصداقية هذه العلاقات، ومدى التعاون التجاري بين البلدين. اعتمدت هذه الورقة في المقام الأول على الرسائل الخمس التي أرسلها الإمام سعيد بن أحمد بين عامي 1786 و1790 والتي نشرها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وسنقارن ما توفر من معلومات في المراجع التي ظهرت في القرن العشرين. ومن المتوقع أن تكشف هذه الورقة عن مضامين تلك المراسلات وعن الدور الجاد الذي تسعى إليه فرنسا في توطيد علاقاتها الحميدة مع حكام عمان، وإبقاءها ودية، خصوصا بعد الثورة الفرنسية عام 1792م وتغيير الحكم إلى النظام الجمهوري.
العالم الإسلامي
والورقة الثالثة قدمها الدكتور سعيدي مزيان أستاذ محاضر في قسم التاريخ الحديث والمعاصر، حملت عنوان مسائل من تاريخ عمان الاقتصادي من خلال مجلّة العالم الإسلامي الفرنسية والتي صدر العدد الأول منها بباريس، سنة 1906، تحت إشراف ألفريد لوشاتولييه، الذّي اهتم بقضايا العالم الإسلامي عامة ثم أصبح أستاذا لكرسي الدراسات الاجتماعية في الكوليج دو فرانس في السوربونCollege de France a la Sorbonne) )؛ علما أنّه كان ضابطا في الجيش الفرنسي بالجزائر. وقد صدر من المجلة 59 عددا في فترة قياسية بين عامي 1906-1926م، وكان من أبرز كتابها المستشرق لويس ماسنيونLouis Massignon) ). تناولت المجلّة عدة مواضيع تخصّ تاريخ عمان ومسقط وزنجبار وخاصّة ما يتّصل بها من المسائل الاقتصادية منها التّجارة والملاحة، وانتشار العثمانيين وتأثيرهم في الساحل الشرقي من لأفريقيا، وطبيعة العلاقة التّي ربطتهما؛ إضافة إلى مسائل أخرى هامّة تتعلق بطبيعة المنتجات التجارية المتبادلة والعملات المتداولة ودور الأسطول العماني المتميّز بسفنه الشراعية المسماة الدّاوز Dhows والتّي كانت تمخر عباب البحر والمحيط، وكذلك تطور العلاقات التجارية بين عُمان والمستعمرات الفرنسية في المحيط الهندي.
العلاقات الاقتصادية
هذا وقدم حمود بن حمد بن محمد الغيلاني خبير تربوي بوزارة التربية والتعليم، ورقة بعنوان العلاقات الاقتصادية العمانية الفرنسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبحث فيها بداية اهتمام فرنسا بعمان إلى وقت مبكر، ويمثل العام 1677م بداية هذا الاهتمام، وفي عهد مؤسس الدولة البوسعيدية الإمام أحمد بن سعيد، استمرت حالة الحياد العماني إزاء التنافس الأوروبي وخاصة الفرنسي البريطاني؛ أما في الجانب الاقتصادي فقد كان التبادل التجاري بين الدولتين الصديقتين أخذ ينمو بصورة ملفتة للباحث، فقد كانت السفن العمانية تبحر إلى المستعمرات الفرنسية في أفريقيا وخاصة جزيرتي موريشيوس وبورونيون. هذه العلاقات التجارية رسّخت وجود علاقة قائمة تعتمد على الصداقة والود، وتمثلت في تبادل السلطان احمد بن سعيد مع’ لا مارتينيك‘حاكم الجزيرة الفرنسي الهدايا، حيث أرسل للإمام مدافع وعتاد. وفي عهد السلطان سلطان بن أحمد أخذت العلاقات الاقتصادية العمانية الفرنسية بُعدا آخراً ففي عام 1799م، أرسل نابليون بونابرت رسالة إلى سلطان مسقط يؤكد فيها حماية السلطات الفرنسية للسفن العمانية في متاجرتها مع الموانئ المصرية؛ تشجيعا للنشاط الاقتصادي بين الدولتين. وفي القرن التاسع عشر في عهد السلطان سعيد بن سلطان امتدت الإمبراطورية العمانية لتشمل عمان وشرقي أفريقيا، ونمت العلاقات التجارية العمانية الفرنسية، وأخذت سفن كلا الدولتين تزور كل منهما موانئ الدولة الأخرى؛ ووقعت الدولتان عدد من الاتفاقيات التجارية، فقد أتجه الحاكم الفرنسي ديكان Decan)) إلى الدخول في معاهدة مع السلطان سعيد بن سلطان عام 1807م، تخوّل لفرنسا حق إقامة وكيل تجاري لها في مسقط، والحقيقة كان هناك عدد من الاتفاقيات قد سبقت اتفاقية عام 1844م، فقد أرسل السلطان سعيد بن سلطان ممثله ماجد بن خلفان لتوقيع اتفاقية تجارية نيابة عنه مع الجنرال ديكان Decan))، بتاريخ 16/6/1807م، اشتملت على اثنى عشر بندا، أقرت أهم بنودها السلام الدائم بين البلدين، وضمان حرية التجارة والاتفاق على الإجراءات التنظيمية للسفن العاملة بالتجارة، وتعيين وكيل تجاري لفرنسا في مسقط.
فرصة ضائعة
وعنونة الورقة الخامسة بفرصة ضائعة: القنصل بيار جوزيف بوشامب في مسقط، للأستاذ دومينيك فوندرو- رايسنر كبيرة أمناء التراث أرشيف وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية بباريس، والذي سلطت ورقته الضوء على طلب إمام مسقط مرارا خلال القرن الثامن عشر تعيين وكيل لفرنسا في عمان، ولكن فشلت المحاولات لتحقيق ذلك حتى نهاية عهد لويس السادس عشر. ولكن بعد ذلك قررت الثورة، التي شرعت في إعادة تنظيم الشئون القنصلية الفرنسية في المنطقة، إنشاء قنصلية عامة في بغداد ونائب للقنصلية في البصرة، وإلى إنشاء قنصلية في مسقط وتم ذلك تحت إشراف’ بيير جوزيف بوشامب‘(1752-1801). وكان هذا الاختيار نتيجة للاعتبارات السياسية المعتادة وأهمية دور عمان الرئيسي بالنسبة للطريق إلى الهند ومنطقة الخليج، بالإضافة إلى الاعتبارات العلمية التي تحكمت في اختيار لجنة العلاقات الخارجية لبوشامب، حيث أن بوشامب كان فلكي وجغرافي، بالإضافة إلى تواجده لمدة 8 سنوات في بغداد، ومشاركته في الإنجازات الفلكية والجغرافية مع البعثات الأهلية والمجتمع العلمي. وتأثر اختيار اللجنة الغير موفق بالدعم الكبير من قبل الفلكي العظيم’ للند‘لتعيين بوشامب، وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن هذا التعيين تم في إطار الاهتمام بشبه الجزيرة العربية وإنجازات’ نيبور‘، ولهذا فقد تم تعيين بوشامب قنصلاً في مسقط اعتباراً من 3 مارس 1795. ولكن منذ قرن تم تعيين’ بول أوتافي‘كما تم فتح قنصلية فرنسية في عمان وذلك بعد فشل بوشامب؛ ومما لا شك فيه أن فترة تعيين بوشامب في كثير من النواحي تعد فرصة ضائعة في العلاقات الفرنسية-العمانية.
العلاقات الدبلوماسية
وختمت الجلسة الثانية بورقة الشيخ عامر بن محمد الحجري، والتي ركز فيه لقد على الاهتمام الفرنسي بعمان قبل عام 1759 أي خلال عهد الدولة اليعربية، وكذلك خلال عهد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الذي شهد عهده نموا كبيرا في العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين عمان والمستعمرات الفرنسية في شرق أفريقيا.
لقد قام الجنرال ديستان في مسقط بالهجوم على السفن التي كانت تحمل العلم البريطاني، كما قام بالاستيلاء على السفينة العمانية المحمودي التي طالب الإمام أحمد بن سعيد بأهمية إرجاعها إلى عمان عن طريق القنصل الفرنسي في بغداد حيث استجابت الحكومة الفرنسية لمطالب الإمام أحمد بن سعيد الذي عبر عن رغبته في أن يرى على السواحل العمانية مزيدا من الحركات المتواصلة للسفن الفرنسية في السواحل العمانية، وقد كتب القنصل الفرنسي في بغداد لحكومته في باريس عن المطالب المتكررة للإمام أحمد بن سعيد حول إرسال مندوب فرنسي، وكذلك عن العرض السخي الذي قدمه الإمام أحمد بن سعيد والمتضمن منح منزل لذلك المندوب بالإضافة إلى العديد من الامتيازات التي تميزه عن ممثلي الحكومات الأخرى.
وبناء على تلك المعطيات قررت الحكومة الفرنسية إرسال السيد ديفال ليكون القنصل والقائم بالأعمال الفرنسية لدى الإمام أحمد بن سعيد، وكذلك استمرت تلك العلاقات الفرنسية العمانية في عهد السيد سلطان بن أحمد بن سعيد الذي شهد تطورا كبيرا وملموسا حيث استلم رسالة من نابليون بونبارت في عام 1799 الذي أكد فيها حماية الحكومة الفرنسية للسفن التجارية العمانية التي تتاجر في البحر الأحمر بشكل خاص وفي الموانئ المصرية بشكل عام.
أما في عهد السيد سعيد بن سلطان 1804 – 1856 م الذي كان حريصا كل الحرص على استمرار علاقات الصداقة مع الحكومة الفرنسية حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات مع الجنرال ديستان حاكم جزيرة فرنسا خاصة اتفاقية عام 1807م التي وقعها نيابة عنه السيد محمد بن خلفان الوكيل البوسعيدي، والتي تضمنت حرية التجارة وتعين وكيلا تجاريا لفرنسا في مسقط ، وفي عام 1844م تم التوقيع على المعاهدة التجارية الجديدة مع فرنسا والتي كانت بطبيعة الحال مشابهه للمعاهدة المعقودة مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1833 ومع بريطانيا عام 1839م .
مذكرة التفاهم
حرصا من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في أهمية التعاون الثقافي والتاريخي مع مختلف المؤسسات الوثائقية في العالم، وما أوكل اليها قانون الوثائق والمحفوظات القيام بجمع الوثائق المتعلقة بالدولة في الخارج، وقعت الهيئة مع الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي مذكرة تفاهم مثل سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الجانب العماني، في حين مثل الجانب الفرنسي ريتشارد بويدن مدير إدارة المحفوظات بوزارة الشؤون الخارجية التنمية الدولية بالجمهورية الفرنسية ، والتي يعمل بموجبها على تبادل نسخ من وثائق المحفوظات وأدوات البحث المتعلقة بهذه المحفوظات، والمطبوعات وأعمال البحث والدراسات التي تسهل البحوث حول هذه الوثائق.
كما شملت تبادل الخبراء في مجال الإدارة الرقمية للمحفوظات وبخاصة حفظ المحفوظات الرقمية على المدى الطويل، وكذلك تبادل المقترحات حول الأنشطة التي يمكن تنفيذها وفقا لأولويات كل طرف. وتنظيم الأنشطة المتعلقة بحفظ وثائق المحفوظات واستعادة قيمتها، وتناولت ايضا امكانية تنظيم المؤتمرات والمعارض في مجال إدارة الوثائق والمحفوظات، كما شجعت المذكرة على تبادل الدورات التدريبية، وزيارات الخبراء، والبحوث العلمية في مجالات التعاون المشار إليها.
المعرض الوثائقي
كما أفتتح معالي جاك لونج مدير عام معهد العالم العربي المعرض الوثائقي العماني المصاحب لندوة عمان في الوثائق الفرنسية والذي سيستمر الى الـ ــ10 من ابريل الجاري في باريس، حيث يهدف المعرض إلى ابراز المخزون الوثائقي للسلطنة لمختلف الوثائق ذات القيمة التاريخية، وكذلك إلى عرض الوثائق التي تمثل العلاقات العمانية مع جمهورية فرنسا ومع مختلف دول العالم بشكل عام.