أكثر من ستة مليون محفوظ بأنواعها الورقية والإلكترونية
هيئة الوثائق والمحفوظات تحتفل
بتكريم الدفعة التاسعة من مالكي وحائزي الوثائق الخاصة
كرمت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية صباح اليوم الدفعة التاسعة من المواطنين المبادرين بتسجيل وثائقهم الخاصة بالهيئة، إدراكًا منها لأهمية التعريف بمكانة الوثيقة العمانية التي تحفظ في طياتها الحقوق وترصد حضارة الأمم والشعوب ولما تمثله من أسس أصيلة ترتكز عليها هوية هذه الأمم. رعى حفل التكريم معالي الدكتور محمد بن سعيد بن خلفان المعمري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية، بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. حيث عملت الهيئة على حفظ الوثائق والمحفوظات وجمعها وتصنيفها وأرشفتها عبر مختلف الحقب الزمنية، كما عملت على تطوير القطاع الوثائقي من خلال مجموعة من البرامج بما يتواكب مع تطور تقنيات الحفظ. مترجمة بذلك رؤيتها في إرساء نظام وثائقي مبني على أسس علمية يسهم في تنظيم إدارة الوثائق بالجهات الحكومية، ويعمل على تطوير مجال الوثائق والنهوض به، والعمل على حسن استغلال وتشجيع البحث العلمي والإبداع الفكري والفني، مؤكدة في الوقت ذاته على أهمية إتاحة المواد المحفوظة.
حيث تختزن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أكثر من ستة مليون محفوظ بأنواعها الورقية والإلكترونية ومختلف أشكالها وأوعيتها، وهي في تزايد مستمر تعكس الجهود المبذولة فضلا عن وثائق الجهات المعنية في السلطنة، كما أن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تولي أهمية بوثائق الأهالي والأسر، بطريقة تضمن سلامتها وتيسِّر طرق الاطلاع عليها والاستفادة منها في البحث العلمي، حيث بلغ عدد الوثائق التي تم التحصل عليها من الأهالي والأسر ما يقارب الأربعة مائة ألف (400000) وثيقة، أما عدد المخطوطات بلغ أكثر من مائة وسبة وسبعون ألفا( 177000) من نسخ المخطوطات والأصول العمانية وغيرها. لتمثل الهيئة بذلك ذاكرة وطنية ومرجعا أساسيا في القطاع الوثائقي.
الضوياني: شعور بالمسؤولية اتجاه الذاكرة الوطنية
استهل الحفل بكلمة لسعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قال فيها: تحية تفيض تقديراً واحتراماً لهؤلاء الأخيار من المواطنين الكرام الذين نشعر بفخر وامتنان لمبادراتهم الطيبة في تسجيل وثائقهم الخاصة لدى الهيئة وهو شعور بالمسؤولية اتجاه تجسيد ذاكرة وطنية عُمانية عبر حقب تاريخية ممتدة ومتواصلة تسهم في استشراف المستقبل من خلال إيلائها الاهتمام والعناية المثلى في إعادة قراءة تفاصيل المكنون الوثائقي للوقوف على تاريخ أمتنا العُمانية بمختلف جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإدارية وتطور المجتمع وأنماط حياته ومعيشته وبنيته الاجتماعية والعلمية والثقافية.
كما قال سعادة الدكتور: تشكل وثائق المجتمع ركناً أساسياً في ذاكرة وطننا العزيز التي تمتد لتستوعب مناطق متباينة فوق ساحة جغرافية واسعة من جنوب آسيا وإلى شرق إفريقيا ولحقب تاريخية، تجمعت خلالها وثائق عديدة تناولت مختلف مناحي الحياة، ولهذا فهي رصيد مهم تتشكل من خلاله المصادر المتعددة في الكتابة التاريخية والحياة العلمية ومسارات التعليم المختلفة والعمارة العُمانية والأنشطة الاقتصادية والعلاقات الدولية التي ربطت عُمان بدول العالم، وحيث أن الأرصدة الوثائقية المتنوعة التي تجمعت بالملايين لدى الهيئة مكنها من عقد المؤتمرات الدولية والندوات المحلية والمعارض الوثائقية للكشف عن حجم ودور عُمان وعلاقاتها الدولية فضلاً عن تنظيم البرامج المحلية في ربوع وطننا العزيز من الندوات والمعارض للتعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية لعُمان ودور الانسان العماني وعلاقات المجتمع وانماط حياته المختلفة والتنظيم الإداري والهيكلي للمراحل المختلفة لأنماط ومسارات وتعاقب نظم الحكم والإدارات المحلية والعلاقات التنظيمية التي ربطت المجتمع بتلك التطورات وهي تشكل اليوم محطة مهمة لإيلائها الاهتمام من التقصي والبحث العلمي والابداع الفكري. وهو ما تعمل عليه الهيئة من تقديم الوثائق والصور والخرائط والتقارير والمواد السمعية وغيرها بعد انقضاء مدد الاستبقاء وانتقاء سريتها فإنها تكون مجالاً خصباً لخدمة الباحثين والدارسين وتسخيرها في مصادر البحث.
وأكد سعادة الدكتور رئيس الهيئة على دور الهيئة في رفد المكتبات الدولية والمحلية وأفراد المجتمع من خلال إصداراتها المتنوعة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، وغيرها من العلوم تتطلع من خلالها المساهمة في مجال البحوث والدراسات دون تعويض عن دور الباحثين في الكشف عن الجوانب المختلفة لهذه الوثائق التي تعبر عن الدولة والمجتمع العُماني معاً وإدراكا لأهمية الوثائق في حفظ ذاكرة الوطن والدفاع عن حقوقه وإبراز انتاج وإبداع المواطنين فيه فأنها ضمان استمرارية مؤسساته وتمكين أفراده من الوقوف على كياناته ومقدراته من خلال ما قدمته وتقدمه الوثائق من معلومات ومعارف حول الأنماط المعيشية والأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية وما سنحفظه للأجيال القادمة التي ستتمكن من قراءة واقعهم وأوضاعهم وعلاقتهم ببعضهم ببعض.
كلمة المكرمين
بعدها قدم حمد بن مهنا بن حمد الجرداني كلمة نيابة عن مالكي وحائزي الوثائق الخاصة قال فيها بعد الترحيب: نشهد هذا اليوم الذي يحتفى فيه بمن حفظ الكنوز، واستبقى الشواهد الحية لمسار التاريخ، وحمل هوية الأجداد وآثارهم وفكرهم. وإنه من موجبات العرفان والامتنان، أن يقدّر في هذا اليوم جهود ومبادرة حائزي الوثائق؛ تأكيدا من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على أهمية حفظ الذاكرة العمانية، وتمكينا للدور الأساسي الذي يقع على عاتق حائزي وملّاك الوثائق في بناء الثقة وتعزيز الشراكة مع الهيئة لصون ذاكرة الوطن. وأضاف الجرداني، إنَّ الذاكرة الوطنية العمانية (من مراسلات ووثائق وشهادات ومحفوظات ومخطوطات) عندما يفتح صندوق حفظها؛ لهو فتح نحو سماوات القيم والمعارف والعلوم والتراث. وعندما ترفع من مكانها وينفض عنها غبار الزمن، لهو رفع لمكانتها وأهميتها، وعندما توضع بين أيادي فنيين متخصصين، وفي أحضان مؤسسة احترافية لترسو بها بر الحفظ والصون، ولتلبسها حلة جديدة، لهو دليل على الحرص عليها والاعتزاز والفخر بها. فنحن حائزي الوثائق، لمسنا من الهيئة التفاني في العمل، ورأينا الجدّية والاحتراف في التعامل، وشهدنا الإخلاص والأمانة في الحفظ، والكرم والرحابة في التواصل والاتصال.
كما قال الجرداني: دور تكاملي بين المجتمع وهيئة الوثائق لتحقيق أعلى مستويات الجودة، وتنفيذ كل ما يخدم الأهداف المرسومة في حفظ التراث والثقافة والمعرفة، وذاكرة الوطن عموما.
فكم من وثيقة متهالكة رممت
وكم من مخطوط مُتبعثر جُمع
وكم من دفتر باهت أضيء
وكم قرطاس متمزق (رُمم)
جهود مقدرة، تمضي قدما نحو تحقيق الدور الأساسي في دعم أحد أهم المحاور الثلاثة الرئيسة لرؤية عمان 2040 ألا وهي “الإنسان والمجتمع” من خلال ركيزة حفظ التراث والهوية العمانية المختزلة بين صفحات الكتب ودفات المخطوطات وسطور الوثائق. وجعل هذا التراث في متناول الباحث والمطلع والزائر خصوصا، وجميع شرائح المجتمع عموماً؛ فهي نتاج الفكر الإنساني في مجالات العلم والمعرفة بمختلف فنونها وفروعها.
ووجه الجرداني في كلمته الدعوةَ وبثُّ النّداء لملاك الوثائق والمحفوظات أن يُقدِموا بكل ثقة لتسليم مخطوطاتهم ومحفوظاتهم هذه الأيادي الأمينة؛ لتقوم بكل إتقان بمعالجتها وحفظها وإتاحتها وهذا ما تستحقه، وثمن المواطنون المكرمون كل الجهود التي يسرت وذللت وشجعت وكافأت من قبل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، التي لم تألوا جهدا في تقديم أنواع الدعم والمساندة كافة في سبيل إنجاح كل عمل وإرساء كل خير ومنفعة.
نفتح الماضي لنحياه مرة أخرى ونحييه
كما قدمت فرقة إزكي للفنون الشعبية فن الرزحة بأبيات لامست كلماتها أسماع الحضور بجمالية أبياتها وحسن إلقائها، من كلمات الشاعر هلال الشيادي قال فيها:
يا تراثي مجد آبائي
يا شعار العز نعليه
نفتح الماضي لنحياه
مرة أخرى ونحييه
بين مخطوط وأوراق
أجمل التاريخ تحويه
في الرواسي قد علوناها
حيث كان الإرث نأتيه
سل ظفارا ولتسل نزوى
ثم رضوى وأهاليه
وصحارا ثم سل صورا
كم شراعًا نحن نجريه
وعبرنا البحر في شاطي
زنجبار وضواحيه
هيئة قامت ولا زالت
ترجع الماضي وتحميه
ندوات قد أقامتها
كم بلاد خيمت فيه
عن عمان عن علاقات
شرق بحر العرب غربيه
آسيا أو أرض أفريقيا
وأروبا ونواحيه
يا بلادي فخرنا العالي
بعلا أمجادنا تيهي
المعرض الوثائقي
كما أقيم على هامش الحفل معرض وثائقي احتوى على أكثر من 200 وثيقة ومخطوط قيم ومتنوعة للشيخ صالح بن سعيد المسكري، تقديرا لجهوده وتكريما لنموذج من الواهبين مخطوطاتهم للهيئة، الذي حرص على حفظها لتضاف للذاكرة الوطنية، كما يحوي المعرض جانبا من الصور لفريق العمل بالوثائق الخاصة في أثناء زيارتهم للمواطنين. والمعرض بمثابة دعوة وطنية لحائزي ومالكي الوثائق الأصلية ليحذو حذو الشيخ صالح بتسليم أصول وثائقهم للهيئة حتى تحفظ برعايةٍ تامة.
فلم الوثائق الخاصة
وشمل برنامج حفل التكريم على فلم الوثائق الخاصة واَلية العمل المتبعة في هذا الجانب، حيث تحدث عن العمل الدؤوب الذي يقوم به الفريق وطريقة العمل في هذا الجانب، إضافة الى بعض المقابلات والزيارات التي أجراها الفريق لبعض المواطنين، كما قدمت خلود بنت ناصر الرحبية، فنية وثائق بالهيئة، فقرة نثرية خاصة عن الوثائق، قالت فيها: الوثائق رمزٌ ثقافيٌ حضاري تمنحنا معلومات ثمينة عن ما مضى ولذلك فإن صونها يتضمن عملية حساسة، ينتج عنها حفظ المعلومات وحفظ الأصل من الأثر ومعالجة مهددات فقدان هذه الأعمال، واختتم الحفل بتكريم مالكي وحائزي الوثائق الخاصة والمتعاونين مع قسم الوثائق الخاصة، وفريق العمل في المشروع، وراعي الحفل.
الهدف من جمع الوثائق
إن الهدف من جمع الوثائق الخاصة، هو الحفاظ على هذا الإرث التاريخي الذي تزخر به عمان، ليكون ذاكرة للأمة والوطن ومرجعاً تاريخياً وثقافياً لهذا البلد ، لذلك كل الوثائق الخاصة التي تحصل عليها الهيئة عن طريق الهبة أو الوصية أو الشراء تعد وثائق عامة، فهي تنتقل من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة كما أنها تحفظ تاريخ العائلات والأسر وتعبر عن مجالات الحياة العامة لأفراد المجتمع وإنجازاته وتعاملاته، وتعد مصدراً للبحث العلمي والإبداع الفكري ، وبهذا تحظى بعناية وآلية مناسبة للحفظ لما تشكله من ذاكرة وطنية للبلاد ، وتحاط هذه الوثائق بالسرية في الإفراج عنها حسب المدد التي يحددها الشخص أو من خلال المدد القانونية الواردة في قانون الوثائق والمحفوظات، ولا يسمح بالاطلاع عليها من قبل الباحثين والدارسين؛ إلا حسب الآجال التي يتم تحديدها إلى أن تنتهي سريتها .
اَلية العمل في اﻟوﺛﺎﺋق الخاصة
إن تسجيل الوثائق الخاصة في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية يكون بطريقتين: الأولى عن طريق تواصل فريق قسم الوثائق الخاصة مع حائزي ومالكي الوثائق الخاصة ثم استقبالهم في مبنى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، أما الطريقة الثانية تكون عن طريق تنفيذ زيارات ميدانية لمختلف محافظات وولايات السلطنة والالتقاء بحائزي ومالكي هذه الوثائق في منازلهم، وحالما تصل الوثائق الهيئة بعد تسجيلها، يتم تعقيمها للقضاء على كل الآفات الحشرية والفطرية ثم تبدأ جميع العمليات الفنية من الترميم والتجليد والمسح الضوئي والتوصيف، إلى أن تعاد للمواطنين بصورتها الجديدة. وهناك عدة عقود تبرمها الهيئة مع حائزي الوثائق الخاصة وهي: عقد الهبة، حيث يهب المواطن وثائقه للهيئة وتنتقل ملكيتها منه إلى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. وعقد الشراء وهو عقد بيع بين مالك الوثيقة وبين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالاتفاق على سعر معين، وثالثها عقد الائتمان تبرمه الهيئة مع من يخشون ضياع وثائقهم في حال سفرهم خارج سلطنة عمان أو أيّ من الأسباب الأخرى لتعاد إليه وثائقه حال طلبه إياها. وأخيرا عقد الوصية وهو عقد يبرم بين الهيئة وحائزي الوثائق الذين يوصون بانتقال وثائقهم لملكية هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بعد وفاتهم. وتلتزم الهيئة على السرية التامة لجميع المواد الوثائقية الخاصة، ولا يمكن عرضها أو الاطلاع عليها إلا بإذن سابق من مالكيها.