المعرض الوثائقي في باريس يواصل استقبال زوارة
9 أبريل، 2015
احتفلت كلية الشرق الأوسط بتخريج الدفعة الخامسة
23 أبريل، 2015
كشفت ندوةعمان في الوثائق الفرنسيةعن علاقات وثيقة
15 أبريل، 2015

 

كشفت عن علاقات وثيقة سياسياً واقتصادياً

«الوثائق والمحفوظات» تبحث عن التاريخ العماني في الوثائق الفرنسية

 

كشفت ندوة «عمان في الوثائق الفرنسية» التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تفاصيل كثيرة عن التاريخ العماني والعلاقات العمانية/الفرنسية منذ القرن الثامن عشر واحتضنتها العاصمة الفرنسية باريس. وقدمت في الندوة العديد من أوراق العمل التي ركزت على العلاقات التجارية بين عمان وفرنسا في عهد السيد سعيد بن سلطان، وتراث الأرشيفات والتعاون الدولي في الأرشيف الوطني (فرنسا) والخبرة والممارسات المشتركة، إضافة إلى القضايا السياسية في العلاقات العمانية الفرنسية من خلال الأرشيف الوطني الفرنسي 18441907، والعلاقات المشتركة من خلال السفينة العمانية الصالحي: 1786-1790، كما تابعت مسائل من تاريخ عمان الاقتصادي من خلال «مجلّة العالم الإسلامي» الفرنسية.

 

وقدم الدكتور محمد بن سعد المقدم الأستاذ بجامعة السلطان قابوس ورقة بعنوان «العلاقات التجارية بين عمان وفرنسا في عهد السيد سعيد بن سلطان 1806-1856م» تطرق فيها لبدء الدبلوماسية الفرنسية في الخليج والمحيط الهندي بإنشاء شركة الهند الشرقية الفرنسية عام 1664م، قائلاً: إنه نظراً لموقع عمان الاستراتيجي ودورها التجاري فقد اتجهت الدبلوماسية الفرنسية نحو تطوير العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع عمان، لا سيما في عهد السيد سعيد بن سلطان، الذي كان لسياسته المتوازنة أثر في إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا.

 

وألقت الورقة الضوء على العلاقات التجارية العمانية/الفرنسية في عهده، وتحديداً بعد نقل مقر إقامته إلى زنجبار في عام 1832م، وعقب توقيع المعاهدة الدبلوماسية والتجارية بين عمان وفرنسا في 17 نوفمبر 1844م، ثم تعيين قنصل فرنسي في زنجبار وآخر في مسقط، إذ أتاحت هذه الاتفاقية للفرنسيين حرية استيراد السلع من الأقاليم التابعة للسيد سعيد في عمان وشرق أفريقيا على أن يدفعوا رسماً حدّد بـ5% من قيمة السلع الداخلية والخارجية في الموانئ العمانية، كما حصل الرعايا الفرنسيون على حق التنقل والإقامة والتجارة وشراء الأراضي والمنازل والمحال التجارية وبيعها واستئجارها.

 

وقد وضعت معاهدة عام 1844 فرنسا على قدم المساواة مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في عمان، وهكذا أصبحت هذه الاتفاقية المرجع الرئيسي في العلاقات العمانية – الفرنسية.

 

وتحدثت ورقة أخرى حول (تراث الأرشيفات والتعاون الدولي في الأرشيف الوطني (فرنسا): الخبرة والممارسات المشتركة)و قدمها البروفسور (يان بوتين) أستاذ التاريخ والمحفوظات البيليوغرافية والأرشيف بباريس، وتطرقت إلى تطور خدمة الأرشيف الوطني في فرنسا منذ إنشائه في عام 1790م، في قلب الإجراءات القانونية للثورة الفرنسية، حيث وضعت المحفوظات الوطنية نموذجاً واضحاً على وظيفة مزدوجة سواء كانت في الوظائف الإدارية أو التراث، وفي وقت لاحق أكد الأرشيف الفرنسي كفاءته كمؤسسةٍ مهمةٍ للوساطة الثقافية والتعليمية، وكانت المحفوظات الفرنسية الممثل السري لبناء الدولة في القرن 19م.

 

إن المحفوظات الوطنية الفرنسية لم تتوقف أبداً أن تكون الضامن لسيادة الدولة بعد الاهتمام الكبير الذي منحته إياها الدولة في وضعها المالي.

 

وفي إطار إنشاء اليونسكو، استضاف الأرشيف الفرنسي في موقعه التاريخي في باريس 1950م المجلس الدولي للأرشيف، حيث أكد المجلس على الدور الفعال لهذا الموروث في المحفوظات الفرنسية منذ 65 عاماً، وأن التدريب الدولي الذي يعقد سنويا يعتبر المحرك لاستضافة ممارسات وتبادل الخبرات العلمية، الذي يهدف إلى دعم التعاون الدولي بين الأرشيفات الفرنسية وهيئة المحفوظات الوطنية بالسلطنة ونظيراتها بدول العالم العربي.

 

وقدم الدكتور بوعزة بوضر سايه ورقة بعنوان «قضايا سياسية في العلاقات العمانية الفرنسية من خلال الأرشيف الوطني الفرنسي 18441907» تناول فيها العديد من قضايا التاريخ العماني بشقيه العربي والأفريقي والتي مازال يكتنفها الغموض ولم تر النور من حيث البحث التاريخي المعمق وهي موجودة على مستوى دور ومحفوظات الأرشيف الفرنسي، ولعل أهمية هذه القضايا المتنوعة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية هي التي تفرض على المؤرخ والباحث العماني والعربي بصورة خاصة وغير العربي بصورة عامة زيادة الاهتمام والبحث في مضامين هذه القضايا، وهي تعكس الاهتمام المتزايد من طرف الفرنسيين بالتاريخ العماني.

 

وانطلاقاً من هذا المنحى التاريخي كانت الأحداث في هذه المنطقة لأهميتها لها دلالاتها خاصة محاولات فرنسا سد الطريق أمام عدوتها وصديقتها التقليدية إنجلترا، ونخص بالذكر مقرات القناصل التي كانت تزود الحكومة المركزية عن طريق تقاريرها اليومية بكل المستجدات وتدوين ما يمكن تدوينه كأحداث تهم فرنسا بالدرجة الأولى.

 

هذه القضايا التاريخية العمانية التي يزخر بها الأرشيف الفرنسي تعكس الأهمية الكبيرة التي كانت تحتلها السلطنة في الحسابات السياسية الفرنسية.

 

وقدم الورقة الرابعة الأستاذ الدكتور بوعلام بلقاسمي أستاذ التاريخ الحديث، جامعة وهران، بالجزائر، وحملت عنوان/المحاولات الفرنسية لربط علاقات دبلوماسية وتجارية مع عمان في القرنين 18 و19م، وأشار فيها إلى أن المصادر التاريخية تبين أن أول الاتصالات بين فرنسا وعمان تعود إلى منتصف القرن السابع عشر الميلادي -بعد طرد البرتغاليين من البلاد-من خلال وصول السفن التجارية لشركة الهند الشرقية الفرنسية إلى مسقط.

 

ومع نمو الأسطول التجاري العماني طيلة القرن 18م والنصف الأول من القرن 19م، نمت العلاقات بين عمان وممتلكاتها الأفريقية والمستعمرات الفرنسية في المحيط الهندي.

 

وتتطرق الورقة المقترحة إلى المحاولات الفرنسية لربط علاقات تجارية ودبلوماسية مع عمان خلال القرنين 18م و19م، خاصة بعد قيام دولة آل بوسعيد في عام 1744م وتحوّل مسقط إلى مستودع إقليمي رئيسي للبضائع وأول ميناء تجاري في منطقة الخليج.

 

وقد سعت فرنسا إلى الاستفادة من الوضع المميز لعمان بقصد ترسيم علاقات بين الدولتين، بداية من عهد الإمام أحمد بن سعيد، الذي منح الفرنسيين امتياز إنشاء مخزن تجاري في عام 1775م وحق تعيين ممثل عن فرنسا في مسقط سنة 1786م.

 

بعد ذلك، مرت العلاقات بين فرنسا وعمان بمرحلة جمود بسبب اندلاع الثورة الفرنسية 1789م.

 

تجددت المحاولات الفرنسية في عام 1807م بإبرام السيد سعيد بن سلطان اتفاقية مع الحاكم الفرنسي لجزيرة فرنسا Ile de France (جزيرة موريشيوس حاليا). وأبرم السيد سعيد بن سلطان اتفاقية في 1841م تبعتها معاهدة للصداقة والتجارة في 1844م.

حيث مكنت هذه المعاهدة الطرفين من تطوير المبادلات التجارية بين زنجبار وجزيرة بوربون.

 

ولقيت رحلة السفينة «لا كارولين» إلى مدينة مرسيليا الفرنسية نجاحاً تجارياً كبيراً، وصدى إعلامياً أكبر بقيام الحاج درويش -مبعوث السلطان سعيد بن سلطان إلى فرنسا-بزيارة (تولوز) و(باريس)، حيث استقبله لويس-نابليون، رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك.

 

بعد وفاة السيد سعيد بن سلطان في سنة 1856م، خضعت العلاقات الفرنسية-العمانية لتقلبات المنافسة الشرسة بين باريس ولندن في منطقة المحيط الهندي وشرق أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية، وتعززت العلاقات الفرنسية-العمانية في سنة 1894م.

 

وجاء عنوان الورقة الأخيرة من الجلسة الأولى تحت مسمى «نظرة الفرنسيين للحياة الاجتماعية العمانية من خلال الأرشيف الفرنسي» قدمها الدكتور الياس نايت قاسي الأستاذ المحاضر بقسم التاريخ والجغرافيا بالمدرسة العليا للأساتذة بوزريعة، الجزائر، وأبرز فيها اهتمام الفرنسيين السياسيين منهم والعسكريين بالحياة الاجتماعية للمجتمع العماني في مسقط وزنجبار فنقلوا كل شاردة وواردة عن عادات وتقاليد المجتمع العماني بل ودونوها في مؤلفاتهم، وكان للقنصليات الفرنسية في القرن التاسع الدور الأبرز في تدوين جوانب عدة عن الحياة الاجتماعية العمانية وكان ذلك من خلال التقارير والمراسلات التي كانت تصل إلى وزارة الشؤون الخارجية مما أضفى على المادة الأرشيفية طابع الموضوعية.

 

وتطرق قاسي إلى أهم الجوانب الاجتماعية التي ورد ذكرها في الأرشيف الفرنسي سواء في القسم العربي لسلطنة عمان أو في الجانب الأفريقي، وحاول استقراء وجهات النظر الفرنسية عبر تدوين هذه الجوانب الاجتماعية ومحاولة فهم الدوافع الكامنة وراء ذلك، وما إذا كانت المعالجة موضوعية على مستوى القسمين العربي والأفريقي.

 

وإن كانت القنصلية الفرنسية في القسم الأفريقي أنشط من التمثيل القنصلي في مسقط، إلا أن هناك بعض القناصل من أمثال

 

(بلكوك) تضمنت مراسلاتهم المحفوظة في أرشيف وزارة الخارجية أدق التفاصيل عن الحياة الاجتماعية العمانية، وبالعزيمة نفسها أو أكثر حاول قناصل فرنسا في زنجبار تتبع التطور والتأثير الاجتماعي للعنصر العربي العماني في شرق أفريقيا، حتى أصبح العنصر الأفريقي يمثل الحياة الاجتماعية في أعلى صورها من شدة تأثره بحياة العمانيين اليومية في الملبس والمشرب والمعاملة الطيبة والتعامل التجاري والأخلاق والسيرة.