
أكثر من ٢٠٠ وثيقة ومخطوط تحكي حقبة من تاريخ عُمان
المعرض الوثائقي بصلالة
افتتح مساء الأربعاء 8 أغسطس 2018م بمركز البلدية الترفيهي بصلالة المعرض الوثائقي الذي نظمته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ضمن فعاليات مهرجان صلالة السياحي 2018، رعى الافتتاح سعادة الشيخ سالم بن عوفيت الشنفري رئيس بلدية ظفار رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان صلالة السياحي، وبحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة، وعدد من أصحاب السعادة والمسؤولين والمشايخ وزوار المهرجان. المعرض الوثائقي أحتوى على أكثر من 200 وثيقة ومخطوط، الى جانب المجلات والقصاصات الورقية، وضم المعرض أركان مختلفة أبرزها: المراسلات السلطانية، عمان عبر التاريخ، عمان في الصحافة العالمية، المعاهدات والاتفاقيات، الخرائط والخطب والتمائم وغيرها من المواضيع المتنوعة، كما ضم المعرض ركن خاص بالوثائق الخاصة متمثل بفريق العمل الذي يسعى لتوثيق تاريخ السلطنة المشرق، كما أن فريق العمل بالوثائق الخاصة كان متواجد بالمعرض الوثائقي من أجل حث وتشجيع المواطنين بمحافظة ظفار بتسجيل وثائقهم الخاصة في الهيئة، لتضاف لرصيد السلطنة الوثائقي. الجدير بالذكر بأن المعرض أستمر لمدة ثمانية أيام من 8 وحتى 15 من أغسطس الماضي في قاعة اللبان “٤”، وافتتح المعرض ابوابه لزائرين في الفترة المسائية من الساعة الخامسة مساءً إلى الحادية عشر مساءً.
الضوياني: توطين المعرفة
من جانبه قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، بأن قطاع المعارض يلعب دوراً محورياً في توطين المعرفة من خلال إكساب الكفاءات الوطنية بالمعارف والعلوم والخبرات، كما تعد المعارض بيئة خصبة لمشاركة المجتمع، وبالأخص تنمية التواصل والترابط بالمجتمع المحلي، والمجتمعات ذات المصالح المشتركة، إضافةً إلى ذلك، تعد المعارض وسيلة لإشغال أوقات فراغ أفراد المجتمع بجميع فئاته بما هو مفيد له من النواحي التعليمية والتدريبية، وأضاف سعادته بأن المعرض الوثائقي يهدف إلى التعريف بالحضارة العُمانية وإبراز الجوانب الحضارية والتراثية والتاريخية المشرقة لها.
البوسعيدي: تنوع المحتوى
فيما قال الدكتور جمعة بن خليفة البوسعيدي، مدير عام المديرية العامة للبحث وتداول الوثائق: إن هذا المعرض جاء نتيجة لمعارض سابقة شاركت بها الهيئة، إلا أن القائمين ارتأوا في هذا العام توسيع دائرة محتوى المعرض وذلك من أجل إثراء هذا المعرض بالوثائق المختلفة، وليشكل لزوار المعرض فرصة أكبر للتعريف على الإرث الحضاري الكبير الذي تزخر به السلطنة على اختلاف الحقب الزمنية. المتجول في أروقة المعرض يلمح تنوع المحتوى الوثائقي وغنى الوثائق المعروضة.
حنان: الوعي الثقافي
من جانبها قالت حنان بنت محمود مديرة دائرة المعارض الوثائقية: بأن المعرض الوثائقي في مهرجان خريف صلالة السياحي في الفترةً ٨ -١٥ أغسطس ٢٠١٨م يؤكد على أهمية ترسيخ الذاكرة الوطنية في مثل هذه المحافل وابراز هذا الكنز التاريخي والحضاري للأجيال التي لم تعايش الحدث وتحقيق المعرفة والوعي عن هذا الإرث الثمين، لذلك ارتأت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية استمرارية هذا المعرض في نسخته السابعة ايمانا منها لأهمية نشر الوعي الثقافي في مجال الوثائق والمحفوظات للمواطنين ولجميع الوفود الزائرة لمحافظة ظفار، حيث أن مهرجان صلالة السياحي يستقطب العديد من السياح من خارج السلطة ومن داخلها أيضا وهذا ما اكدته الإحصائيات في الأعوام الماضية، ونظراً لزيادة الطلب لعرض مواضيع مختلفة تتحدث عن تاريخ سلطنة عمان وامتدادها الجغرافي حرصنا في هذا العام التنوع في المحتويات وعرض ما يزيد عن مائتي وثيقة و اثنى عشر مخطوط ، وإضافة لعرض وثائق المواطنين وتحديدا من محافظة ظفار تكريما لهم لما قدموه ومبادراتهم لتسجيل وثائقهم لدى الهيئة وهذا يدل على حرصهم ووعيهم التام لأهمية المحافظة على الوثائق وإدراكهم لدور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لحفظ الذاكرة الوطنية، كما ركزنا في هذا العام لعرض تاريخ الأرشفة واساليب التوثيق من العصور الحجرية لإعطاء زوار المعرض والمهرجان لمحة عن نشأة التوثيق في سلطنة عمان وأساليبها سابقا في التوثيق كالرسم والنقش على الصخور وانتهاء في الكتابة والتوثيق.
المعرض الوثائقي
وبالعودة الى محتوى أركان المعرض المختلفة الى جانب المخطوطات والمجلات والقصاصات الورقية، يضم الركن الأول المراسلات السلطانية، الذي يعرض لمحة تاريخية عن أبرز صور حياة سلاطين عمان وتسيرهم أمور البلاد وتنظيم الشؤون الداخلية والخارجية وتشيدهم لحضارة بلغت ذروة الرقي والتطور في شتى مجالات الحياة وتكوين العلاقات الدبلوماسية مع العديد من دول العالم، كرسالة إمام عمان إلى السلطان العثماني يوضح فيها موقفه من المصالحة بين الدولة العثمانية وشاه إيران بعد ان حاصر مدينة البصرة في العراق وتم فك الحصار بالتعاون بين إمام عمان ووالي بغداد ١٧٧٩م، ورسالة من باسك القنصل الروسي المقيم في الخليج إلى السلطان فيصل بن تركي سلطان عمان يطلب موافقته لرسو سفينة في مسقط تابعة لشركة المراكب التجارية ١٩٠٥.
فيما يحكي الركن الثاني من المعرض الوثائقي عُمان عبر التاريخ، حيث يعرض تاريخ عمان بدءا من كونها مستوطنة بشرية استقطبت الإنسان القديم للعيش فيها خلال العصور الحجرية المتعاقبة وما خلفه من اَثار وحفريات تدل على وجوده في أرض عمان، مرورا بتاريخها في فترة ما قبل الإسلام وبعد ظهوره، انتهاءً بالتطورات السياسية الحاصلة في الفترة التي تلتها وظهور دولة النباهنة والإمامة الإباضية ونشأة دولة اليعاربة والبوسعيد، كوثيقة إسلام اهل عمان عن طريق مازن بن غضوبة من بلدة سمائل في داخلية عمان ليعلن اسلامه بين يدي الرسول وبعدها يوجه رسالته المشهورة إلى ملوك عمان عبد وجيفر ابناء الجلندى ، وأخرى رسمة لسفينة عمانية على جدار حصن جبرين الذي شيده اليعاربة وتعبر الرسمة على العلاقات الداخلية في عمان بين المناطق الداخلية والساحلية خلال فترة حكم اليعاربة.
وفي الركن الثالث “عُمان في الصحافة العالمية” الذي يتطرق على أهم المقالات والصور في الصحف المحلية والعربية والعالمية التي نشرت أخبار عُمان في مختلف الفعاليات والأنشطة السياسية والاقتصادية والثقافية، حيث يضم الركن بين جنباته نماذج من الصحف والمجلات العالمية التي اهتمت وخصصت مساحة كبيرة للحديث عن أخبار عُمان ومنها: مقال في المجلة الشهرية الإيطالية يتحدث عن الموقع الجغرافي للجزيرة العربية وسكانها وانتشار الاسلام فيها ومحاولة الدولة العثمانية السيطرة عليها وذكر ان أنبل الأجناس السامية فيها تعود إلى العرب الذين استوطنوا اليمن وعُمان وهم من أصل عرب سبأ ٧/٧/١٩١٢، وأخرى صورة للسلطان سعيد علي سعيد عمر سلطان موروني عاصمة جزر القمر مرتديا الزي التقليدي والخنجر العماني في جريدة (لي موند اليستري) الفرنسية، ومقال في جريدة الأهرام المصرية عام ١٩٧٥ مدعم بالصور بمناسبة العيد الوطني الخامس لسلطنة عُمان يستعرض مسيرة التنمية في محافظة ظفار.
اما الركن الرابع خصص “للاتفاقيات والمعاهدات” ويعرض في هذا الركن وثائق تسرد العلاقات الدبلوماسية والودية بين عمان ودول المحيط الهندي وبقية دول العالم حيث تبادل الأئمة والسلاطين العمانيين مع غيرهم من حكام ورؤساء الدول الهدايا والزيارات الرسمية وقلدوا وتقلدوا النياشين واستقبلوا الرؤساء والسفراء، وعقدوا الاتفاقيات والمعاهدات وغيرها الكثير، من بينها رسالة من وزارة الخارجية العثمانية إلى الباب العالي (رئاسة الوزراء) حول الاتفاقية الموقعة بين بريطانيا وفرنسا والتي اعترفت فيها الدولتان بنفوذ مسقط وعمان ١٨٨٨، إضافة إلى اتفاقية صداقة وتجارة حول تنظيم وتسهيل معاملات البيع والشراء بين السلطان السيد سعيد بن سلطان (سلطان عمان وزنجبار) والولايات المتحدة الأمريكية ١٨٣٥.
وأبز الركن الخامس من المعرض الوثائقي “الخرائط” حيث يعرض العديد من الخرائط التي توضح امتداد الممالك العمانية عبر التاريخ، إضافة للمسارات البحرية الهامة والمناطق التي تمر عليها حركة التجارة العالمية في ذلك الوقت، كخريطة توضح مسار رحلة السفينة سلطانة إلى لندن والولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا مسار السفينة كارولين إلى مرسيليا، وخارطة توضح سواحل بحر عمان ١٦٦٠م، وأخرى توضح خط سير حملة ستانلي الاستكشافية بين الكونغو (وسط افريقيا) وساحل زنجبار ١٨٩٠.
وخصصت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الركن السادس “للوثائق الخاصة” الذي يحتوي على وثائق ناشئة عن الأشخاص الخاصة (المواطنين) تضم موضوعات مختلفة مثل المراسلات والقرارات والسجلات المالية والخطابات وأيضا الشواهد الأثرية والكتابات الصخرية منها: سجلات مالية توضح التداولات التجارية والبضائع الواصلة إلى موانئ ظفار وأنواعها ١٩٢٨- ١٩٣١، إضافة إلى شهادة تطعيم أو إعادة تطعيم ضد الجدري صادرة من المحجر الصحي في مسقط ١٩٥٥ وجانب من بيان تفصيلي بمهام الوالي في ظفار ١٩٧١، كما تعرض الصناديق وثائق أصول التي تم تسجيلها في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ، لتعريف الزائر بالوثيقة العمانية على طبيعتها وجمالية خطوطها ونقوشها والتمعن في شكل الخط ونوعية الورق والحبر المستخدم حينها، حيث تتنوع مواضيعها في الفنون والمعارف العلمية المتعلقة بعلوم الفقه والتاريخ واللغة وعلوم القراَن وعلم البحار والطب والفلك والتنجيم إلى غير ذلك من العلوم الإنسانية. كما يوفر المعرض جميع إصدارات الهيئة وهي حصيلة قيمة ومميزة لدراسات وابحاث علمية وما نتج من المؤتمرات الدولية التي نفذتها الهيئة.