افتتاح أعمال المؤتمر الدولي العلاقات العمانية البريطانية
12 نوفمبر، 2018
الأوسمة والنياشين والميداليات في سلطنة عمان وزنجبار
13 نوفمبر، 2018
العلاقات العمانية البريطانية..الصلات تمضي أكثر رسوخا
12 نوفمبر، 2018

مؤتمر “العلاقات العمانية البريطانية من القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر يواصل فعالياته.. والصلات تمضي أكثر رسوخا

تسدل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية غداً 10/10/2018م، الستار على فعاليات المؤتمر الدولي السابع المقام تحت عنوان “العلاقات العمانية البريطانية من القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر” والذي افتتح 8/10/2018م، حيث يقام حفل ختام المؤتمر في الواحدة والنصف ظهرا بفندق كمبينسكي في الموج مسقط تحت رعاية معالي محمد بن سالم بن سعيد التوبي وزير البيئة والشؤون المناخية. حيث يشهد اليوم الختامي جلستين تتناول الأولى المحور التاريخي والسياسي في ثلاثة بحوث، ويتناول الباحثون المحور الثاني “الاقتصادي” في أربعة بحوث، وتشهد الجلسة الثانية مناقشة المحور “الثقافي” في أربعة بحوث علمية، قبل ان يختتم الحدث بكلمة المشاركين والتوصيات.

وكان المؤتمر في يومه الثاني 9/10/2018م ، قد شهد ثلاث جلسات عمل، قدمت خلالها عدد من الأوراق التي تناولت العلاقات العُمانية البريطانية خلال الفترة من القرن السابع عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر بتنوعها وحجمها ومجالاتها، حيث بدأت في إطار التبادل التجاري وإرساء علاقات اقتصادية نظمت الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون والإعفاءات الجمركية ونوعية السلع التجارية وحركة الملاحة البحرية واستخدام الموانئ في عمان والمناطق التابعة لها، وتوسعت العلاقات لتشمل المجال السياسي من خلال تبادل القناصل وعقد الاتفاقيات السياسية لتصل إلى أوج قوتها في القرن الثامن عشر إلى بعد منتصف القرن التاسع عشر.

جلسات العمل

استهلت الجلسة الأولى التي أداراها جريمي جونز، بورقة حملت عنوان “المواقف البريطانية من الأوضاع الداخلية في عُمان في عهد السيد سعيد بن سلطان” قدمها محمد بن خلفان اليحيائي المستشار بمكتب وزير التراث والثقافة وقال “اليحيائي” في ورقته ان عمان ارتبطت بعلاقات شبه رسمية، ولكن غير مستقرة مع بريطانيا منذ منتصف القرن السابع عشر، وتحديدا بعد طلب بريطانيا إنشاء قاعدة عسكرية في مسقط عام 1659، وهو الطلب الذي رفضه السيد سلطان بن سيف الأول، لكن العلاقة بقيت بين الود والحذر حتى توقيع أول معاهدة بين البلدين عام 1798م، ومع تولي السيد سعيد بن سلطان مقاليد الحكم عام 1807 تطورت العلاقة بين البلدين إلى مستويات أكبر.

وناقش “اليحيائي” في دراسته العلاقات العمانية البريطانية في عهد السيد سعيد بن سلطان (1856-1807)، وذلك عبر قراءة وتحليل المواقف والأدوار التي اتخذتها وقامت بها بريطانيا تجاه الأوضاع في عُمان، بما فيها الصراعات الداخلية، والحروب الخارجية التي خاضها السيد سعيد لمد نفوذ حكمه إلى خارج الجغرافيا العُمانية، أو تلك التي خاضها دفاعا عن أراضيه وممتلكاته ضد القوى الأجنبية.

العلاقة المزدوجة

وفي الورقة الثانية قدم الدكتور العروسي الميزوري وزير التّعليم العالي السابق في تونس ورقة حول “رعايا بريطانيا من الهنود في عُمان خلال القرن التّاسع عشر للميلاد، الحضور والنّشاط” حيث طرحت الورقة إشكاليّة العلاقة المزدوجة بين رعايا بريطانيا من الهنود في عُمان والسّلطات البريطانيّة من ناحية والمجتمع والسّلطة المحلّية، من ناحية ثانية خلال القرن التّاسع عشر للميلاد وانعكاس ذلك على العلاقات العُمانيّة البريطانيّة بصورة عامّة. كما ركز “العروسي الميزوري” في دراسته على مختلف العوامل الّتي ساندت الحضور الهندي في عُمان إلى جانب تطوّر هذا الحضور تاريخيّا وما عرفه من خصائص متباينة وانعكاس ذلك على مستوى الأنشطة الاقتصاديّة والأدوار السّياسيّة لهؤلاء الرّعايا.

التمثيل البريطاني

من جهته تناول المؤرخ تيرينس كلارك السفير البريطاني السابق في السلطنة “التمثيل البريطاني في مسقط” وقال في ورقته : على الرغم من أنه يمكن اعتبار أن العلاقات البريطانية الرسمية مع عُمان قد انطلقت منذ أول معاهدة وقعت في عام 1646م، إلا أن أول ممثل بريطاني مقيم في مسقط تم تعيينه في عام 1800م فقط، حيث توفي هو وخلفاؤه الثلاثة جميعا بسبب المناخ غير الصحي خلال أقل من 10 سنوات، ولذلك تم إلغاء التمثيل البريطاني في عمان حتى أعيد لفترة وجيزة في عام 1840م، ولكن تم نقله بعد ذلك إلى زنجبار حيث كان يقيم السلطان، وفي عام 1861م عاد التمثيل البريطاني إلى مسقط وتحديدا في موقع ربما يكون بين قلعة الجلالي وقصر السلطان في خليج مسقط، وقد استمر المبنى في أيدي بريطانية حتى عام 1995م حيث تم استئجار المبنى في البداية ولكن تم شراؤه عام 1878م وأعيد بناؤه في عام 1890م، وقد تم تصميم المبنى حول فناء داخلي مع بعض المكاتب في الطابق الأرضي وفي الأعلى مقر الممثل الذي تغير لقبه عبر السنوات من الوكيل السياسي إلى القنصل وإلى القنصل العام وأخيرا إلى السفير في عام 1971م، وتم أيضا شراء المباني الأخرى في المناطق المجاورة لغرض سكن الموظفين ومكتب التلغراف وثكنة للحرس الهندي ومسجد ومستشفى أيضا، وظلت الظروف المعيشية في المجمع شاقة حتى القرن العشرين إلا أنها لم تردع مختلف الممثلين المتعاقبين وعائلاتهم من رفع العلم البريطاني في مسقط.

تجارة الرقيق

وتطرق الدكتور بنيان سعود تركي أستاذ التاريخ الحديث بقسم التاريخ في جامعة الكويت إلى “دور الهنود في الرق وتجارة الرقيق في سلطنة زنجبار العربية خلال الفترة من 1806إلى1890م” حيث ألقت الدراسة الضوء على دور الهنود كجالية ضمن الجاليات التي تاجرت واستقرت في شرق أفريقيا، كما شملت الدراسة الجالية الهندية بجميع طوائفها ومللها ونحلها في ممارسة الرّق وتجارة الرقيق موضحة الأهمية الاقتصادية والأنشطة الأخرى التي مارسوها ومركزين بشكل أساسي على كيفية تمويلهم لتجارة الرقيق ومساهمتهم في عمليات البيع والشراء، ودورهم المهم في الجمارك على طول الساحل الشرقي لأفريقيا والدور الخفي لهذه التجارة، كما بحثت الورقة العلمية الموقف البريطاني تجاه ممارسة الهنود للرق وتجارته وكيف تعاملت مع الجالية الهندية حيال هذا الموضوع وهل تغاضت عن دور الهنود كما تغاضت عن بعض القناصل الإنجليز ممن عادوا ومعهم أرقاء بصفة خدم.

إنهاء العبودية

فيما تعرض الدكتور ستيوارت لينغ من كلية كوربوس كريستي في جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة إلى “دور عُمان وبريطانيا في إلغاء تجارة الرقيق في شرق أفريقيا” حيث قال ان تجارة الرقيق بدأت في المحيط الهندي في العصور القديمة واستمرت لما يقرب من 2000 عام، وقام البريطانيون وحكام البوسعيد في مسقط وزنجبار خلال القرن التاسع عشر الميلادي بتوقيع اتفاقيات تهدف إلى احتواء تجارة الرقيق، وإنهاء العبودية في تشريعات وقوانين السلاطين. وشرحت الورقة تفاعل العوامل السياسية والاقتصادية والدينية في مقاومتها لإنهاء تجارة الرقيق، وأسباب اتفاقها المؤقت لإنهاء هذه التجارة، وحيث أسس السلطان العماني السيد سعيد بن سلطان (1807-1856) علاقات مع البريطانيين ساعدته في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، فقام بعقد المعاهدات التي حدت من تجارة الرقيق،، وبالرغم من هذه المعاهدات لإنهاء هذه التجارة وتغير الآراء مع تأثر العالم الإسلامي بالإصلاح والتحديث آنذاك إلا أنها استمرت لفترة وجيزة حتى اختفت فعليًا بحلول نهاية ذلك القرن.

الجنوب المجهول

وتطرق الدكتور عصام السعيد أستاذ التاريخ بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية في ورقته إلى ما كتب عن “عمان في كتاب الرحالة الأثري الإنجليزي ديفيد جورج هوجارث” الذي يرصد فيه هوجارث ما ذكره السابقون عن عمان من رحالة سابقين، وتم ذكرهم بالتفصيل بالإضافة الي انطباعاته ووصفة لعمان الذي حدد له فصلاً كاملاً أسماه “الجنوب المجهول” ذاكراً العديد من المناطق كالرستاق والسيب ونزوى ومسقط والجبل الأخضر، وبالإضافة الي نظرته للدور البريطاني في إشاعة السلام في الساحل العماني علي حد تعبيره، إذ لا يمكن أن لا نغفل بجانب الدور الاستكشافي لهؤلاء الرحالة والأثريين، الدوافع السياسية والتجارية التي كانت تخدم المصالح البريطانية.

أواصر التعاون

واختتمت أوراق الجلسة الأولى، بورقة سعاد بنت سعيد بن حميد السيابية المحاضرة بقسم إدارة الوثائق والمحفوظات في كلية الشرق الأوسط، حول “الدور السياسي للمقيمين والقناصل البريطانيين وأثره على العلاقات البريطانية العمانية فترة السيد سعيد بن سلطان” مشيرة إلى انه كان للقناصل والمقيمين البريطانيين في عمان دورا سياسيا مهما في تحديد طبيعة العلاقات القائمة بين الطرفين، إذ لعب هؤلاء دورا محوريا في تسيير المصالح البريطانية وتقوية أواصر التعاون بين عمان وبريطانيا، منذ اللحظة التي تم فيها تعيين أول وكيل سياسي في عمان عام 1800م. ومنها بدأ التوجه البريطاني واضحا نحو الإمبراطورية العمانية بجميع اتجاهاته السياسية والاقتصادية والثقافية. حيث رصدت “السيابية” في دراستها جانبا مهما في العلاقات العمانية البريطانية المتمثلة في الدور السياسي لهؤلاء المقيمين والقناصل البريطانيين في الإمبراطورية العمانية فترة السيد سعيد بن سلطان، كونهم من أهم الشخصيات التي كان لها دور بارز في تغيير مجريات الأحداث بشكل واضح وصريح.

الجلسة الثانية

وتضمنت الجلسة الثانية ست أوراق عمل، وأدارها الدكتور عبواحد النبوي عبدالواحد، واستهلتها الدكتورة شيرين مبارك فضل الله أستاذ مشارك في معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة وتطرقت في ورقتها إلى “دور عمان في تقليص تجارة الرقيق من واقع الاتفاقيات مع بريطانيا” حيث أشارت إلى ان بريطانيا سعت لعقد المعاهدات مع حلفائها من أجل السيطرة على هذه التجارة، وقد استفاد البريطانيون من التحالف مع عمان في تعزيز التفاهم على إلغاء تجارة الرقيق، أو على الأقل تقليصها وفقًا للمعاهدة التي أبرمت بين البلدين عام 1839، والتي تم تجديدها عام 1845. كما تتبعت الباحثة إلى أسباب حرص بريطانيا على حظر تجارة الرقيق، وكيف كان وضع حد لتجارة الرقيق أحد أهم المسوغات التي استخدمها البريطانيون لبسط سيطرتهم على المياه الإقليمية حول شبه الجزيرة العربية بما فيها الخليج.

فرق تسد

بعدها قدم الدكتور فرانسيس أوترام أخصائي في تاريخ الخليج في المكتبة البريطانية ورقة بعنوان “فرق تسد: الدور البريطاني في تقسيم سلطنة عمان وزنجبار الأسباب والتبعات” قال فيها : في القرن السابع عشر، كان حاكم مسقط يمثل السلطة السياسية والتجارية المهيمنة في منطقة المحيط الهندي. وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الأمور لاتزال على حالها وشعر سلطان بن أحمد (حكم 1796-1804) بأنه يستطيع اعتلاء حملات عسكرية في الخليج بمعزل عن البريطانيين. غير أنه بعد فترة الحكم الوجيزة للسيد بدر بن سيف، شعر السيد سعيد بن سلطان (حكم 1806-1856) أنه من الضروري أن يرسل إلى السلطات البريطانية في بومباي لطلب الاعتراف الذي لم يكن يحصل عليه لمدة سنة. كما سلطت الورقة الضوء على أسباب وسياق وتبعات تفويض كوغلان وقرار كانينغ (1861) التي أدت إلى تقسيم الإمبراطورية العمانية.

التكالب الأوروبي

من جهته قدم الدكتور ضرار محمد فضل المولى احمد مدير عام دائرة البث الإذاعي والتلفزيوني في السودان ورقة بعنوان “رؤية روسية للعلاقات العمانية البريطانية في القرن التاسع عشر من خلال الوثائق والسرديات الروسية” حيث تناولت الورقة البحثية الفترة (1895-1885) وجاء اختيارها للفترة التاريخية حسب المنظور الروسي القيصري وهدفت إلى الكشف عن طبيعة وتباين الدور البريطاني في عمان، وعن الأسباب الحقيقية والعوامل التي أدت للاهتمام البريطاني بالدولة العمانية، ومعرفة الدور البريطاني في إضعاف وتقسيم الإمبراطورية العمانية، كما تتناول التوجهات الروسية تجاه الخليج على خلفية التكالب الأوروبي على المنطقة.

رؤية العمانيين

فيما تطرق الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي مدير دائرة البحوث والدراسات في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إلى “مراسلات السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي والسلطان فيصل بن تركي إلى القناصل البريطانيين: رؤية تاريخية وسياسية” حيث يقول تطورت العلاقات العمانية البريطانية بشكل كبير في عصر الدولة البوسعيدية، خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية، وقد شهدت الفترة التي تعالجها الدراسة توقيع اتفاقيات عدة في الجوانب السياسية والاقتصادية. وكان من نتيجة تلك العلاقة أن حفلت بمراسلات عمانية إلى الحكومة البريطانية ممثلة في القناصل البريطانيين في مسقط وزنجبار. ويُعتبر عصر السيد سعيد بن سلطان الذي امتدت في حكمه الدولة العمانية إلى أقصى اتساع جغرافي وسياسي لها زاخراً بالوثائق، فشملت أجزاء من الخليج العربي والسواحل الفارسية وشرق أفريقيا، الأمر الذي نتج عنه وجود مراسلات بين الحكومة البريطانية والسيد سعيد تناولت مختلف المسائل والقضية ذات الاهتمام المشترك، واستعرضت جوانب من العلاقة الشخصية الاجتماعية من صداقة وحضور حفلات ومناسبات وكذلك منح الأوسمة والنياشين وتبادل رسائل الشكر والتهنئة والتقدير، واحتوت أيضًا على طبيعة الاستعدادات للزيارات الرسمية التي كان يقوم بها المسؤولين العمانيين والبريطانيين بين الدولتين. كما ألقى البحث الضوء على طبيعة المراسلات العُمانية إلى الحكومة البريطانية وما احتوته من دلائل ومعاني ومفاهيم أو رؤية العمانيين لهذه العلاقة.

الأمن والدفاع

وتناولت الدكتورة فاطمة بلهواري أستاذ زائر بقسم التاريخ في جامعة السلطان قابوس “جهود الرائد جيمس هايس سادلر في عُمان” حيث حاولت الدراسة الوقوف على تعاون جيمس هايس سادلر مع السلطان فيصل بن تركي بن سعيد لفرض الأمن والدفاع على عدد من مدن عُمان في حالة هجمات القبائل مثل (مسقط ومطرح، وظفار) وإشعار شيوخ القبائل بنتائج ذلك، ودوره في إشعار سلطات بلاده، وسلطان عُمان من تدفق الأسلحة بمسقط، ومطالبته وعرضه على السلطان كيفية ومدة تعويض رعايا بلده (التجار الهنود) جراء انتفاضة القبائل 1895م، ومساهمته وتوسطه في تسهيل منح حكومته قرضا ماليا للسلطان فيصل بن تركي بن سعيد. حيث استعانت الدراسة بوثائق أرشيفية، ودراسات حديثة لإبراز دوره وتعاونه مع سلطان عٌمان خاصة بعد سنة 1895م.

ميسور الهندية

من جانبها بينت الدكتورة إيمان رجب ذكي تمام مدرس التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب بجامعة بني سويف “موقف بريطانيا من علاقة عمان بولاية ميسور الهندية” حيث تقول سعت الورقة اعتمادًا على بعض الوثائق والتقارير والمراسلات البريطانية للإجابة عن تساؤلات أربعة وهي ما هي أوجه المخاوف البريطانية من علاقات عمان بسلطنة ميسور؟، وكيف رصدت بريطانيا هذه العلاقات؟ وما هو تأثير التدخل البريطاني على نجاح أو فشل هذه العلاقات؟ وأخيرًا كيف أدارت عمان سياستها الخارجية بما يحقق مصالحها في ظل سيادة بريطانيا كقوة عظمى في المنطقة؟.

الجلسة الثالثة

وفي الجلسة الثالثة، التي أداراها الدكتور جمعة بن خليفة البوسعيدي، قدم الدكتور محمد بن حمد الشعيلي المحاضر في الجامعة العربية المفتوحة ورقة حول “مقاومة بريطانيا للنشاط الفرنسي في عمان في عهد السيد سلطان بن أحمد” حيث سعلى في ورقته للكشف عن طبيعة مقاومة بريطانيا للنشاط الفرنسي وأثر معاهدة عام 1798م في علاقتها مع عمان، وفي الحد من النفوذ الفرنسي، خاصة بعد سيطرة فرنسا على مصر بقيادة نابليون بونابرت من نفس العام، ووجود محاولة اتصال بينه وبين السيد سلطان بن أحمد، مما أثار المخاوف البريطانية بشكل كبير، من اقتراب هذا الخطر الفرنسي نحو الهند، فسعت بشتى الطرق لإجهاض أي محاولة فرنسية للتقارب مع عمان، كما قدم “الشعيلي” في ورقته إلى تكوين صورة متكاملة عن طبيعة هذا الصراع بين الدولتين.

القنصل الفرنسي

من جانب آخر تعرض الدكتور محمد الشيخ برابح عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الجلف بالجزائر إلى “أثر مراسلات القنصل الفرنسي “ديكو” مع وزارة الخارجية وأثرها على العلاقات العمانية ـ البريطانية” حيث أكد الباحث ان القنصل الفرنسي لاكو لعب دوراً متميزاً في تعقب العلاقات العمانية ـ البريطانية من خلال مراسلاته مع وزارة بلاده للخارجية، والمتتبع لهذه المراسلات وقيمتها التاريخية كمصدر أرشيفي يقف على دور هذه الشخصية في جلب انتباه حكومته لخطورة الوضع وانعكاساته السلبية على مصالح فرنسا في التراب العماني جراء التقارب العماني البريطاني ومحاولة الحكومة الإنجليزية تقليص النفوذ الفرنسي خاصة من الجانب الاقتصادي وعليه كشفت المراسلات الفرنسية طموح بريطانيا في المنطقة.

اضطرابات

كما قدم الدكتور بن عبد المومن محمد أستاذ مشارك بجامعة وهران ورقة بعنوان “الإنجليز والأوضاع السياسية بعٌمان نهاية القرن التاسع عشر في ضوء الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي” حيث اعتمدت دراسته على الوثائق الأرشيفية الفرنسية المحفوظة بمركز الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي “لاكورناف” بباريس، وتم اختيار الموضوع والفترة الزمنية، لما تميزت به هذه المرحلة من اضطرابات داخل عُمان، ودور الإنجليز الفاعل في ذلك، ومن جهة أخرى لتوفر المادة الأرشيفية الفرنسية حول هذه الفترة كمصدر مهم لفترة الدراسة حيث استعرض وثائق أرشيفية أصلية منها مراسلة الإنجليز لسلطان مسقط، ومعاهدات الإنجليز مع سلطان عُمان، والاتفاق السري 20 مارس 1894م.

المنافسة الحادة

وتطرق روبرت الستون السفير السابق لدى السلطنة ورئيس مجلس إدارة الجمعية الأنجلو عمانية إلى موضوع “عمان وبريطانيا وفرنسا في عهد السلطان فيصل بن تركي” حيث يقول كان السلطان فيصل بن تركي سيء الحظ لتوليه السلطة خلال فترة التراجع الاقتصادي في مسقط وعمان، فوجد نفسه ضحية لتجدد المنافسة الحادة بين فرنسا وبريطانيا، والتي أثرت بشدة على مسقط وعُمان خلال تسعينيات القرن التاسع عشر. وأضاف الباحث “كان التنافس الدبلوماسي بين بريطانيا وفرنسا في ذروته بين عامي 1895 و1898، ثم تقلص بعد ذلك. وتحت تأثير اللورد كرزون، عادت سلطنة عمان تحت النفوذ البريطاني، والذي ترمز إليه نتائج زيارة كرزون إلى مسقط والخليج في عام 1903. وتحت إشراف بيرسي كوكس كانت العلاقات هادئة خلال الفترة المتبقية من عهد السلطان فيصل.

المخاوف البريطانية

من جانبه قدم الدكتور محمد رجب ذكي تمام أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية دراسة وثائقية حول “موقف بريطانيا من العلاقات العُمانية الأميركية” وتتطرق الورقة البحثية إلى موقف بريطانيا من اتفاقية 1833، والمخاوف البريطانية من النشاط الأمريكي في عمان، ورصد للنشاط القنصلي الأميركي في مسقط وزنجبار، ومتابعة بريطانيا لتأثير النشاط الأمييكي التجاري في موانئ عمان على التجارة العمانية والبريطانية، ومساعي بريطانيا لدى سلطان عمان للحد من الصلات مع الأميركيين ووضع العراقيل أمامهم، والتقارب أكثر من بريطانيا.

الآثار العمانية

اما الباحثة وضحة بنت محمد الشكيلية من جامعة السلطان قابوس فتناولت في ختام الأوراق العلمية لليوم الثاني إلى الآثار العمانية في كتابات الرحالة والمؤرخين البريطانيين في القرن التاسع عشر حيث ركزت دراستها على أهم الرحالة والمؤرخين البريطانيين الذين زاروا عُمان في القرن التاسع عشر، ولقد اختيرت هذه الفترة كإطار زمني نظراً لثرائها بالكتابات البريطانية عن عُمان في مختلف المجالات، إضافة إلى أنها شهدت صراعاً أوروبياً لعقد علاقات تجارية مع عمان، لذا احتدم التنافس بين بريطانيا وفرنسا من أجل استغلال موقعها الاستراتيجي كونها أقرب الدول لمستعمراتهم، ومن أبرز هؤلاء الرحالة والمؤرخين هم مايلز، وولستد، ولوريمر وغيرهم الكثير. وقد تضمنت كتاباتهم وصفاً للشواهد الأثرية سواء أكانت بقايا مباني أو أبراج أو أضرحة إضافة إلى التحصينات الدفاعية مثل القلاع والحصون كما وصفوا أثار البليد، علماً أن الدراسات الأثرية في القرن التاسع شحيحة ونادرة ولم تبدأ التنقيبات إلا في مستهل السبعينات من القرن العشرين، التي كشفت النقاب لكثير من المواقع التي تعود لفترات زمنية قديمة بما احتوته من أدلة.