تحتفل الهيئة الأثنين القادم بتكريم رواة التاريخ الشفوي،
26 مايو، 2015
هيئة الوثائق تشارك العالم بالتبرع بالدم
4 يونيو، 2015
احتفلت الهيئةبتكريم الدفعة الأولى من رواة التاريخ الشفوي
2 يونيو، 2015

انسجاماً مع نهجها في تعزيز ونشر قيم التراث والتاريخ

الوثائق والمحفوظات الوطنية تكرم الدفعة الأولى من رواة التاريخ الشفوي

 

احتفلت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بتكريم الدفعة الأولى من رواة التاريخ الشفوي الذين بادروا بتسجيل روايتهم الشفوية عبر المقابلات الشخصية التي أجراها فريق عمل المشروع بالهيئة لعدد من أصحاب الفكر والتجربة، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وبحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وعدد من المعنيين والمكرمين وذلك في الحفل الذي أقيم صباح أمس بقاعة السندباد بفندق كراون بلازا بالقرم. حيث يعد التاريخ المروي إرث الماضي للحاضر ومن منطلق هذه الأهمية شرعت الهيئة في الحفاظ عليه باعتباره جزءاً مهماً على مر العصور.

أستهل حفل التكريم بدعاء أبتهل به الشيخ مهنا بن خلفان الخروصي، ثم عرضت قصيدة شعرية تم تسجيلها في البرنامج مع أحد أكبر الرواة عمرا وهو الراوي المغفور له خلفان بن محمد الدغاري الذي سجل قصيدة تحكي رحلته من عمان إلى زنجبار، وقد توفي الراوي خلفان الدغاري بعد تسجيل شهادته بثمانية أشهر.

وألقى سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، قال فيها: إنه لمن دواعي سرورنا وعظيم تقديرنا لهذه الوجوه الطيبة الخيرة التي تجاوبت مع مبادرة الهيئة في مشروعها الذي يسجل ويدون جانبا مهما من تاريخ عمان السياسي والاجتماعي والثقافي ويرصد من الاحداث والوقائع عاصرها الرواة فكانت حاضرة في نفوسهم مما أكدت لنا بأن بعض من تفاصيل التاريخ العماني كانت غائبة وغير موثقة ولم تحظى بعناية المؤرخين والباحثين بالدقة التي يعرضها الراوي المعايش لتلك القضايا والاحداث وانطلاقا من الاهتمام الذي توليه الهيئة في توثيق الذاكرة الشفوية العمانية والوقوف على واقع الوثيقة الشفوية والمخاطر التي تتعرض لها والعوامل التي تؤثر فيها والأسباب التي أدت الى عدم الاستفادة منها وخلصت الى الظروف الصحية، والنفسية ومنها بلوغ الرواة وممن يمتلكون المعلومة من العمر ما يجعلهم غير قادرين على التذكر والسرد وتناول الحديث بشكل دقيق عن مشاهداتهم وذكرياتهم وتجاربهم كما ان حالات الوفاة هي ما يتهدد الوثائق الشفوية والتي في حال رحيل أصحاب التجارب والفكر والعلم وممن لديهم الخبرات وممن يمتهنون مختلف المهن ويمارسون شتى الفنون فإن جزءا كبيرا ستفقده الذاكرة الوطنية وبلا ريب فقدنا الكثير مما يتوجب حفظه وتدوينه وتسجيله ومن هنا فأن الرصيد الوثائقي المكتوب الذي تمتلكه الهيئة فأن الوثيقة الشفوية تشكل جزء لا يتجزأ من التاريخ العماني مكملا للمصادر والمراجع المكتوبة وتسجل الحضور العماني الذي يتجلى فيما خلفه من مأثر ومعارف في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والإدارية وغيرها من مجالات الحياة المختلفة وهؤلاء الكرام الذين نعتز بحضورهم اليوم كل منهم كان له دوراً مشرفاً خلال مسيرة حياته وادلاء بها في الحوارات والمقابلات التي امتدت بعضها لساعات وأيام كشفت لنا عن وقائع واحداث بل أكدت لنا ما دونته الاحداث والتي ينبغي علينا النظر إليها كونها جزء من نسيج تاريخنا العماني المجيد والذي يجسد الأشخاص احداثه ووقائعه والتي يتوجب عند دراستنا لكل حقبة من الحقب الزمنية الامعان لما يحيط بها من الظروف والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية والدولية وعلاقتها بواقع مجتمعنا العماني فهذه الوثائق التي رصدتها الهيئة وامتلكتها تعرض كجانب من تاريخ عمان في المحافل المحلية والدولية توليها الهيئة العناية والاهتمام ونؤكد من خلالها للعالم اجمع بأن تاريخ المجتمع العماني يحظى بالرعاية والاهتمام في شقيه المادي والمكتوب والغير مادي ويسهم في إعانة الباحثين والدارسين في دراساتهم وبحوثهم.

يشرفني في هذا اليوم الذي نجتمع فيه لتقديم الشكر وعظيم الامتنان والتقدير لكم أيها الكرام الرواة أصحاب الفكر والتاريخ والعلم والسياسية والثقافة ولنؤكد بأن تعاونكم محل تقدير وإجلال وإدراكا منكم بأهمية الذاكرة الشفوية وهذا الجمع الذي نلتقي فيه بكم هو عرفان بما قدمتموه وتحملتموه من العناء للحضور والمشاركة الا أنه عمل جليل وجدير لتوثيق وحفظ ذاكرتكم وسيرتكم وسيرة الاخرين لنسأل الله جلت قدرته أن يمن عليكم بموفور الصحة وطول العمر كما اننا نترحم على أولئك الذي تمت مقابلتهم وانتقلوا الى جوار ربهم متضرعين الى المولى القدير بأن يغفر لهم ويدخلهم فسيح جناته وكنا نأمل أن يكونوا بيننا الا أن يد المنون كانت الأقرب ونشكر أبنائهم وذويهم الذين حضروا للمشاركة.

وفي الختام أتقدم بخالص التقدير الى معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي الموقر على التكرم برعاية الحفل وهذا يدل على تقديره وإدراكه لأهمية هذا العمل الجليل لخدمة العلم وحفظ ذاكرة الوطن فله منا الاحترام والتقدير كما أسجل كلمة شكر وتقدير واعزاز بالدور الذي يبذله فريق العمل من الموظفين العاملين في مجال حفظ الوثيقة الشفوية على جهودهم المخلصة وعطائهم المتميز والشكر موصول لكافة الجهات الحكومية ووسائل الإعلام التي تعزز بأدوارها مجالات عمل الهيئة. والشكر موصول لكل من حضر ولبى الدعوة.

بعد ذلك تابع الحضور فيلم قصير يحمل عنوان هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والجهود التي تبذلها في سبيل حفظ التاريخ وتوعية المواطنين بدورها وحثهم على المبادرة بتسجيل وثائقهم الى جانب تطرقه على أهم إنجازات الهيئة في الفترة الماضية من المؤتمرات والندوات والمعارض المنعقدة سابقا والاتفاقيات المبرمة بين الهيئة ومختلف الجهات الى جانب أهم الإصدارات.

ثم قدم زهران بن زاهر الصارمي كلمة الرواة، قال فيها: إنه لشرف كبير لي أن أُحظى بثقة مَنهم أكبرُ مني عقلاً وفكراً، للوقوف عنهم أمامكم، للتعبير بكلمة الشكر والتقدير للعاملين الكرام بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، على إتاحتهم لنا فرصة الحضور بين يدي التاريخ، الشفوي أولاً ثم المكتوب. وهي لعمري أمانة ومسؤولية كبرى حمَّلنا إياها العاملون المخلصون بهيئة الوثائق، أن نقول ” الكلمة “… أن نروي ” الحكاية ” التي نتوخى فيها الفائدة والعبرة لأجيالنا الحاضرة والتالية. إنها ذاكرة وطن، وذاكرة الأوطان لا تقتصر صياغتها وتكوينها على النخبة أو الصفوة من القادة أو الساسة أو أصحاب الجاه والمال أو العلم والسلطان، وإنما المعني بها أيضاً كلُّ من عاش على أديمها وتنسم هواءها وكانت له فيها حياة ومشاركاتٌ، حق له بموجبها، أن ينعم بحقوق المواطنة الكريمة التي تكفلها المواثيق والأعراف للإنسان، بكل وطن من الأوطان. وللحياة صور ومظاهر لا تعد ولا تحصى، في الأفراح والأتراح، وفي زمن السلم والحرب، وفي ابتكار أساليب العيش وصناعة الأمجاد، التي يعرفها العائشون في قاع المجتمعات، من يدُهم في النار، أكثر مما يعرفها القابعون في أعلى الهرم أو في أبراجهم العاجية؛ لذا قالوا: ” التاريخ يُصنع في القاع ” ولما سئل نابليون بونابرت عمن يصنع النصر في المعارك، قال: ” الطباخون” بنظرته الثاقبة. صورٌ ومظاهرٌ للحياة، رائعةٌ وغنية بمعانيها، جُلُّها لم يُدوَّن، وكلها يجب أن يُدوَّن، ليحتفظ كل وطن بذاكرته الحية العظيمة والجميلة. ولقد بدأ الاهتمام العالمي الرسمي بهذا الجانب في العام 1948 حيث كانت جامعة كولومبيا هي السباقة بإطلاقها مشروعاً لتدوين التاريخ الشفهي لمجموعة من الشخصيات الأمريكية؛ ثم تبعتها في ذلك بريطانيا في سبعينات القرن الماضي، حين أنشأ بول طومسون جمعية التاريخ الشفهي البريطانية. ويوماً كنت في الصين الشعبية، فاكتشفتُ من أقوالهم إنهم يشربون الشاي بلا سكر تخليداً لذكرى زعيمهم، ماوتسي تونغ، المحاصر يوماً في جبال خونان التي ينمو بها كل شيء عدا السكر، وأن لذلك الشعب في شتى مواقع العمل جلسات شهرية تسمى ” جلسات التثقيف الطبقي ” يربطون فيها الحاضر بالماضي عبر استعراض المخضرمين منهم لتجاربهم بالأمس، على أسماع أجيال اليوم المعاصرة، لتعرف أسرار نهضتها العظيمة، ومن كان يقف وراءها بمعاناتهم الأليمة وتضحياتهم الجسيمة. ولكنا نحن العرب كنا من الأمم السباقة في حفظ التاريخ الشفهي، عبر تداول الأشعار والحكايات والبطولات والحكم والأمثال والأقوال المأثورة جيلاً بعد جيل، إلى حد أن قيل بأن ” الشعر ديوان العرب “. و من يسعى لطمس هذه المأثرة للتاريخ الشفوي، تحت حجة غياب الأسانيد، فإنه في حقيقة الأمر يطمس معظم التاريخ العالمي بوجه عام، و الإسلامي بوجه خاص، فالقرآن الكريم ذاته و السيرة النبوية و الأحاديث الشريفة، التي هي الدعامات الأساسية للدعوة الإسلامية، دُوِّنت تدويناً من الرواة بعد انقطاع الوحي و موت رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه و سلم بعشرات السنين؛ و من قبل ذلك جمع هوميروس الإغريقي أخبار ملحمتيه الشهيرتين، الإلياذة و الأودية ، من الرواة ، و كذلك فعل مواطنه أبو التاريخ ” هيرودوت ” في كتابته لأحداث ذاك الزمان .

نعم، ربما يكون هناك شيء من الغلواء ، و شيء من الأخطاء، بحكم اختلاف المعرفة و قوة الذاكرة ما بين الرواة، و لكن يبقى كل ذلك جزءاً من التاريخ، و يتيح لكل باحثٍ الزوايا المتعددة لرؤية الأحداث ، فلا ينبغي أن تكون هناك انتقائية في تدوين التاريخ الشفوي، إذا ما وجد المدوِّن أمراً أو رأياً لا يتفق و هواه… للمدون أو للمطلع على روايات التاريخ الشفوي، الحق في طرح الرأي الآخر، و مقارعة الحجة بالحجة ، و لكن ليس من حق أحد، أياً كان، الحذف أو التحريف و التعديل في أقوال الرواة المشاركين، فهي أمانة بين يدي المعنيين، و مسؤولية لا ينبغي التهاون فيها بأية صورة من الصور. وهذا أمر نريد أن نؤكد عليه في هذه المناسبة، فنحن قبِلْنا بالوقوف معكم في رفد هذا المشروع الوطني الحيوي الكبير بخبراتنا في الحياة، على أمل أن تطلع عليها أجيالنا الحاضرة واللاحقة، بلا تغيير يُذكر، وتكون هي صاحبة الحق المشروع في أن تحكم على ما تسمع او تقرأ عن سيرنا وآرائنا في شتى ما تعرضنا إليه في أحاديثنا من أمور. وإننا لنتطلع إلى اليوم الذي يتاح لنا فيه الاطلاع على الصيغة المكتوبة عن لقاءاتنا الشفوية التي أجريتموها معنا، لنقول فيها رأينا، ونوقع عليها، كما وعدتمونا بذلك، ونأذن من ثم بالنشر والإعلان.

وفق الله الإخوة القائمين على هذا المشروع الوطني الحيوي، مشروع جمع وتدوين التاريخ الشفوي لهذا الوطن العزيز، ووفق جميع المخلصين في خدمته، تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حفظه الله تعالى ورعاه.

وخلال الحفل تم عرض بعدها فيلمين الأول تحدث عن التاريخ الشفوي والكادر الفني الذي تزخر به الهيئة في هذا المجال حيث تحدث عن العمل الدؤوب الذي يقوم به الفريق وطريقة العمل في هذا الجانب والإنجازات التي حققها إضافة الى بعض المقابلات التي اجراها لبعض المسؤولين في الهيئة ودور الهيئة في اقتناء وتوفير أفضل الأجهزة المختصة في سبيل إنجاح العمل واخراجه بالطريقة المثالية، وعرض الفلم الأخر مجموعة من المقاطع للمكرمين اثناء تسجيلهم لبعض الحلقات في الفترة الماضية في لحظة زمنية تعود بالرواة الى الماضي الجميل.

الحراصي: جهود كبيرة بذلت في البرنامج

أشاد معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بالدور الذي قامت به هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، في توثيق التاريخ الشفوي، وقال في تصريح له عقب رعاية حفل: يسعدني أن أقدم شكري وتقديري إلى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وإلى فريق التاريخ الشفوي، لإسهامهم في حفظ تاريخ عمان والهوية العمانية بطرق مختلفة، وإحدى هذه الطرق الرواية الشفوية التي رأينها خلال هذا الحفل، عبر الرواة الذين تم الالتقاء بهم، معتبرا أن ثمة جهود كبيرة بذلت في هذا البرنامج.

وأشار معالي الدكتور رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى امكانية التعاون بين الهيئتين في عرض هذه المقابلات، عبر شاشة تلفزيون وإذاعة سلطنة عمان.

البوسعيدي: ذكريات جميلة

وقال الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي مدير عام المديرية العامة للبحث وتداول الوثائق: يعد تكريم الرواة ومعه ذكريات جميلة وذكريات حزينة، الذكريات الجميلة هي ذكريات الوفاء والتواصل والمودة، التي تربطنا بالرواة الأكارم، اما الذكريات الحزينة والمؤلمة هي ذكريات فقدان الأحبة من الآباء والأجداد من الرواة. لكن هذا العمل الكبير الذي تقوم به هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من جهود مخلصة، لا تحدها حدود، ولا يثنيها مزاج او رغبات شخصية.

فقيل ان فقدان راوي هو فقدان لمكتبة ثرية، حيث يتم القياس والمفاضلة بين هؤلاء النخبة من الرجال والنساء، بكم المعلومات ومقدار العطاء الإنساني الراقي الذي يحظى به الجامع الميداني او الباحث او خبير التراث الثقافي.

هذا اليوم تحتفل الهيئة بتكريم الرواة وذلك تزامناً مع احتفل السلطنة بنزوى باعتبارها عاصمة للثقافة الإسلامية لتجمع الفرحة في قلوب الرواة.

الخروصي: انطلاقة جديدة

وقال الدكتور عبد العزيز بن هلال الخروصي مدير دائرة البحوث والدراسات بالهيئة بأن من الأشياء التي قد يتم الخلط بينها، هي التفريق بين التراث الشفوي والوثائق الشفوية، فمن وجهة نظرنا بأن التراث الشفوي هو الذي يتحدث عنه الراوي عما سمعه أو قرا عنه، أما الوثيقة الشفوية فهي تتطلب أن يكون الراوي يتحدث عن مشاهداته والأعمال التي شارك فيها أو كان قريباً منها ويأتي تكريم الرواة من قبل الهيئة، تقديراً لتعاونهم وتسهيل مهمة فريق العمل من خلال المقابلات التي أجريت معهم.

وأضاف بأن بعد حفل التكريم، نتطلع إلى انطلاقة جديدة في مجال توثيق وحفظ التاريخ الشفوي، من خلال نوعية المقابلات التي ستجرى، والشخصيات التي سيتم الالتقاء بها. سواء داخل السلطنة أو خارجها. وكل ذلك من أجل تعزيز الرصيد التاريخي العماني وحفظ الذاكرة العمانية.

المعمري: ثروة وطنية

ويقول العميد المتقاعد حمد بن مانع بن حمد المعمري وهوه احد المكرمين في الحفل بأن للوثائق والتاريخ الشفوي بشكل خاص أهمية كبيرة كون هذا النوع ينتهي بانتهاء أجل الشخص عند وفاته، لذلك على القائمين في هذا الجانب الإسراع في وتيرة العمل لحفظ هذه الثروة الوطنية من المعرفة ونقلها للأجيال القادمة، واختتم حديثه بالشكر الجزيل لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على العمل الجبار الذي تقوم في سبيل حفظ الذاكرة الوطنية والإرث التليد من الزوال والذي سوف يكون رافداً للباحثين والمستفيدين، كما اقدم شكري للقائمين على هذا الحفل البهيج والذي من خلالها يظهر أهتما الهيئة بالرواة.

العبرية: له أهمية كبيرة

قالت شمسه بنت ابراهيم بن سعيد العبرية احدى الرواة بأن توثيق التاريخ القديم له أهمية كبيرة في المجال الثقافي والحضاري, حيث تم عمل لقاء شفهي حول علم تاريخ الحمراء وعن التعليم سابقا في البلد وعن مدارس تحفيظ القران وكذلك عن المناسبات المختلفة واختلافها عن الوقت الحاضر, فمن وجهة نظري أرى أن التوثيق الشفهي يحفظ التاريخ القديم الذي يجهله الأبناء حاليا, فمن المؤكد سيتم الاستفادة منه في المستقبل من خلال كتابة التقارير والبحوث, ويعتبر مرجع ثقافي للتاريخ العماني، ونثمن الدور الكبير الذي تقوم به هيئة الوثائق في سبيل الحفظ على هذا الإرث الكبير.

السعيدي: شكر وعرفان

من جانبه يقول سالم بن محمد بن سعيد السعيدي والذي بادر في تسجيل ما يملك من وثائق ومحفوظات وطنية لصالح الهيئة واحد الرواة الذي قام بالتسجيل في التاريخ الشفوي بأن مشروع التاريخ الشفوي والذي تتبناه الهيئة لهو جدير بأن يحفظ تاريخ السلطنة في مختلف المجالات باعتبارها الجهة التي المخولة لهذا الموضوع، كما ناشد السعيدي مختلف الرواة الذين عاصروا حقب زمنية مختلفة للإسراع والمبادرة في تسجيل هذا الإرث الكبير ليمثل الأجيال المختلفة في قادم السنوات ويحكى الدور العماني في مختلف الجوانب، الى جانب دورهم في نشر المعرفة في مختلف الدول الذي وصلوا اليها، وكما قدم جزيل شكره وامتنانه لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بتكريم الرواة فأن دل هذا فإنما يدل على الاهتمام الكبير بالراوي والرواية.

نبذة عن المشروع:

انطلق مشروع التاريخ الشفوي (المروي) الذي تعمل عليه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مع بداية السنه الجديدة 2012، وذلك سعيا منها في توثيق وحفظ التاريخ الشفوي الذي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية إلى جانب الوثيقة المكتوبة، حيث تم تشكل فريق عمل متخصص ومدرب في مجال التاريخ الشفوي ومجهز بكل الأدوات الفنية والتقنية التي يحتاجها العمل، وقد باشر فريق العمل لإنجاز المهمة الجديرة بالاهتمام الموكلة إليه لحفظ جانبا من الإرث والمخزون العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأدبي الذي تختزنه الذاكرة البشرية وهي عرضة للفقدان بالعديد من المسببات أهمها الوفاه أو المرض أو التقدم في السن وما يصاحبه من ضعف الذاكرة، والتي يحتفظ بها العديد من أبناء هذا الوطن ممن كان لهم دور مهم في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها ، أو من الذين عاصروا التطور الذي تعيشه البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد- حفظة الله، ويأتي اهتمام الهيئة بهذا المشروع ايمانا منها بأهمية توثيق تاريخ عمان التليد من خلال حفظ الرواية الشفوية، والذي يمثل مشروع التاريخ الشفوي (المروي) إضافة جديدة ومركز اشعاع مهم للمعرفة البحثية، ويعد من الركائز الأساسية في توجه الهيئة لتكوين بيئة داعمة للبحث العلمي وقادرة على الإسهام الفاعل في حفظ ذاكرة الوطن، ولضمان بقائها كرصيد تاريخي حي للبلاد، من خلال اجراء المقابلات التوثيقية مع صناع الحدث أو المشاركين فيه أو مع اصحاب الفكرة والتجربة اليومية .

أهمية التاريخ الشفوي:

يساعد التاريخ الشفوي من خلال المقابلات التي أجريت مع الشخصيات الفاعلة والتي كان لها دور في الأحداث والوقائع التي مرت بها البلاد أو المنطقة أو كانوا أصحاب خبرات ومعارف في شتى الميادين، والذين يسردون تجاربهم وخبراتهم، والتعرف على الأخطاء التي وقعت خلال فترات تاريخية سابقة، وتساعد بالتالي في تشكيل قناعة سلبية أو وجهة نظر تجاه الجوانب السلبية والابتعاد عنها وتجنبها. وكذلك نتعرف عبر التاريخ الشفوي إلى البُعدين الزماني والمكاني، إذ لا تتصور حدثاً تاريخياً خارج نطاق الزمان، وينتج عن هذا العاملين (المكان والزمان) هوة أو مسافة متباعدة بين حواس وأحاسيس الدارسين وإدراكهم لبعدي الزمان والمكان.

 

لم يكن اختراع الطباعة والتطور التقني يغني عن التواصل الشفوي، فلا تزال الكلمة وستظل الوسيلة الأسهل والأكثر فعالية في نقل المعارف والأخبار والأفكار. والكثيرون لا يُقدرون قيمة التاريخ الشفوي، فعندما نتحدث عن التاريخ، يجول في خاطرنا التاريخ المكتوب، وتلوح بين ناظرينا الكتب والمؤلفات والوثائق والمجلدات والأوراق، ويتم استبعاد الوثائق الشفوية. إنّ التاريخ من حولنا، نجده بيننا أو في مجتمعنا، وحتى بين أسرنا، نجده في تلك الذكريات التي لا تزال بيننا، من خلال الأشخاص سواءً كبار السن، أو أصحاب التجارب والخبرات، فعندما نتحاور مع شخص من هؤلاء، فيمكن للباحث أنْ يصدر كتاباً من خلال سماعه أو نقله لمقابلة أو تجربة إنسانية وقف عليها وتحاور مع من كان فاعلاً فيها وشاهداً لها.

قد يتطرق الراوي إلى ذكرياته ويعرض وجهة نظره حول أمر ما، أو يدلي برأيه تجاه قضية أو حادثة، وكذلك قد يسرد استنتاجاته لما شاهده أو شارك فيه من أحداث ووقائع وأعمال. وقد عرف التاريخ الشفوي منذ العصور اليونانية والرومانية، إذ كان سرد الروايات والحكايات والأساطير هي محور التاريخ الشفوي في تلك الأزمنة. وتطور إلى مفهوم التاريخ الشفوي بعد إدخال الطباعة والتصوير إلى طرق تسجيل وتوثيق الحوادث والأخبار، وتدوين حياة وسير القادة والزعماء والأبطال، ومع مرور الزمن، كان لعلم التاريخ مكانته لدى الناس، واعتبر علم التاريخ الشفوي من العلوم التي يوثق الحياة الإنسانية، ويتتبع ويرصد حركة الشعوب وتقدمها، وليس الأفراد، إذ أن التاريخ هو مرآة لتطور واقع المجتمع.